+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 845م تُوفي «أبو تمام» أحد أساطين الشعر العربي على مر التاريخ، كان داهية بارعاً، أُوتي قُدرة رهيبة على التعبير، عيبه هو عيب كل شُعرائنا الأوائل، وهو التكسُّب والتّطبيل للحُكام!
امتدح أبو تمام أحمد بن المعتصم في قصيدة يقول في مطلعها:
ما في وقوفك ساعةٌ من باسِ
تقضي ذمام الأربع الأدراس
فلعل عينك أن تعين بمائها
والدمع منه خاذل ومُواسِ
فلمّا بلغَ قوله:
إقدام عمرو في سماحة حاتمٍ
في حلم أحنف في ذكاء إياس
لم يرق هذا التطبيل ليعقوب الكندي، وأحسَّ أن أبا تمام سيسحب البساط من تحته، فقال: إن الأمير فوقَ ما وصفتَ، ولم تزِدْ على أن شبهته بأجلاف العرب، فمن هؤلاء الذين ذكرتهم؟ وما قدرهم؟!
كان على أبي تمام أن يقوم بهجمة مُرتدّة سريعة، وإلا فسوف يذهب تطبيله الأول هباءً، ولأنه كان بليغاً ذكياً داهية قال:
لا تنكروا ضربي له من دونه
مثلاً شروداً في الندى والباس
فالله قد ضربَ الأقل لنوره
مثلاً من المشكاةِ والنبراسِ
بعد هذا الرد المُفحم عُيِّن أبو تمام والياً على الموصل!
أما الكندي فأخذ رقعة وكتب فيها أبيات أبي تمام من كثرة ما أُعجب بها، ثم ذيَّل الأبيات بقوله: إن هذا الرجل لن يعيش طويلاً لأنه ينحتُ من قلبه!
وصدقتْ فراسة الكندي، كان أبو تمام ينحت من قلبه وتوفي وله من العمر ثلاثٌ وأربعون سنة!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
29/09/2019
2088