+ A
A -
أدهم شرقاوي
في مثل هذا اليوم من العام 826م تُوفي «محمد بن حميد الطوسي» كان من كبار قادة جيش المأمون، وعُرف عنه نبل أخلاقه، وحكوا عنه قصصاً كثيرة تصلُح أن تكون دروساً في مكارم الأخلاق!
روى النويري في رائعته «نهاية الأرب» قال:
كان محمد بن حميد الطوسي على غدائه يوماً مع جُلسائه، وإذا بصيحة عظيمة عند باب داره، فرفعَ رأسه وقال لبعض غلمانه: ما هذه الضجة؟ من كان على الباب فليدخل!
فخرج الغلام، ثم عاد إليه وقال: إن فلاناً قد أُلقي عليه القبض، والحراس ينتظرون أمرك فيه، فرفعَ يده عن الطعام، فقال رجل من جُلسائه: الحمد لله الذي أمكنك من عدوِّك، فسبيله أن تسقي الأرض من دمه، وبهذا أشارَ عليه جلساؤه وهو ساكت لا يتكلّم، ثم قال: يا غلام، فُكَّ عنه وثاقه وليدخل إلينا مُكرماً!
فلما دخل عليه هشَّ له وبشَّ، وأمر بتجديد الطعام، وأطعمه بيده، ثم أمر له بمالٍ وثياب، وأمر بردِّه إلى أهله ولم يُعاتبه على ما كان منه!
ثم التفتَ إلى جلسائه وقال لهم: إنّ أفضل الأصحاب من حضَّ الصاحب على المكارم، ونهاه عن ارتكاب المآثم، وحسَّن لصاحبه أن يُجازي الإحسان بضعفه، والإساءة بصفحه، إنّا إذا جاريْنا من أساء إلينا بمثل ما أساء فأين موقع الشكر من النعمة فيما أُتيح له من ظفر! إنّه ينبغي لِمن حضر مجالس الملوك أن يُمسك إلّا عن قول سديد وأمر رشيد، فإنّ ذلك أدْوَم للنِّعمة وأجمع للأُلفة!
درسٌ عظيمٌ للحكام وللحاشية على حد السواء!
للحكام أن يعرفوا أن العفو أثبتَ لنظام الحكم من الانتقام، فإنّ قطع الرقاب يبني للخوف أما العفو فإنه يبني للمحبة وليس هناك أقوى من حاكم محبوب، على أنّ العقاب أحياناً مطلوب!
وللحاشية أن تنصح الحاكم بما يرفع قدره لا بما يحط من إنسانيته..
وكذلك في القصة درس لنا جميعاً فكُلّ من ظفر بخصمه هو سلطان لحظتذاك، والعفو خلق النبلاء!
copy short url   نسخ
26/09/2019
2353