+ A
A -
أحد المعارف كان آية في الثراء والعطاء عدا كونه مجاملًا وخدومًا كما ومعيناً لمحيطه.. وفي يوم ميلاده الستين اتصل به كثير من الأهل لكن لم تصله هدايا سوى من فتاة صغيرة في العائلة.
قال لها: أتعرفين أنك الوحيدة التي فكرت في شراء هدية لي في يوم ميلادي؟
ردت: بل أتعرف أنت أن كل فرد في العائلة كان يفكر بل ويتمنى أن يبتاع لك هدية، لكنه يقدم خطوة ويتراجع عشرة لأنهم عن ىخرهم ملؤهم الخجل والحرج بل يهابون أن تكون هديتهم ليست نفيسة بقيمتك أو خشية أن تفسر على أنها تقديم للسبت في انتظار مصلحة الأحد.
لاتنسوا أغنياءكم.. لا تتعاموا عن حقيقة أنهم بشر يفتقرون لمشاعر الاحتياج والتقدير المادي وأنهم ليسوا مجرد صراف آلي بشري.
ويحكي لي قريب أنه يوم كان طالبا بالمدرسة، كان نابغة وألمعياً حيث كان ترتيبه الأول على الفصل على الدوام، لذا، كان معظم الزملاء يتقربون له ليسألوه ثلاثة أسئلة لا رابع لها:
-كيف تذاكر؟
-كم من الوقت تستغرق في الدرس كل يوم؟
-كيف أصبح مثلك الأول على الفصل؟
فاقتنع قريبي وهو في مرحلة قلة التجارب الحياتية أنه لا يوجد أحد من أقرانه سيريد التقرب منه توددًا لشخصه أو تحببًا لسجاياه بل رغبة في منافسته في مركزه الأول، فكان يساعد الجميع ولكن يقترب بحساب وحذر.
وفي يوم، حدث أن تودد له أحد الزملاء بهدية، قائلًا: هذه هدية لك يا صديقي
فجاء رده: أهذه هي طريقتك كي أجيبك على الأسئلة الثلاثة؟
فتساءل: أي أسئلة وأي ثلاثة؟
رد الطالب المتفوق: كيف أذاكر وكم من الوقت تستغرق مراجعتي يوم الامتحان وكيف تصبح الأول مثلي؟
هنالك تركه الزميل المتودد ولم ينطق بكلمة، ربما لأنه شعر بالظلم أو لكونه تيقن أنه لا سبيل لمصادقة من لم يصدق تودده أملًا في الصداقة لا أملا في المركز الأول.
مرت السنوات.. التي وحدها تعلم أنه حتى الأغنياء يتوقون لهدايا، كما توضح لنا أنه ليس كل من يتقرب منا إنما يتودد لمصلحة.. فكم علينا الاستبصار قبيل الحكم على الأفراد حتى لا نفقد مودتهم الصادقة التي لن نعوضها بمراكز أولى في الحياة.. كما لا تعوض حين نتحسر لكوننا لم نهادِ من أحسنوا إلينا بدعوى خشية تأويله على أنه تملق.
لقد كتب الأديب محمد زكي عبد القادر «إن تحديد مناهج جامدة خطة لا تتفق مع حياة متغيرة لا نملك منها ولا من أسرارها إلا أقل القليل».
لذا كم هو صعب أن نحكم على هدية على أنها ود خالص أو نحرم غنيا منها خشية أن تؤول على أنها رغبة في التسلق على أكتاف الأثرياء.
وقد كتب المفكر محمد زكي عبد القادر:
«ما من حقيقة تثبت، فكلما أوغلت في القراءة والبحث، اهتزت الحقائق ونبتت الشكوك».
فكم نفتقر للوسط الذهبي الذي يعيننا على تعيين ود خالص من سواه المغرض.
كاتبة مصرية
copy short url   نسخ
14/09/2019
1812