+ A
A -
يحمل تقرير صدر حديثا عن مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أخبارا مخجلة عن عالمنا العربي والإسلامي.
يقول التقرير إن أعداد اللاجئين في العالم بلغت معدلات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، بعد أن وصل عدد هذا العام لنحو 65 مليون لاجئ، نصفهم من العالم العربي والإسلامي، وتحديدا من ثلاث دول هي سورية وأفغانستان والصومال.
ولاشك ان النصف الثاني من اللاجئين يضم أيضا جنسيات عربية وإسلامية بأعداد أقل مثل العراقيين والإيرانيين والسودانيين، ولا ننسى بالطبع اللاجئين الفلسطينيين الذين شردهم الاحتلال الإسرائيلي من أرضهم، ويزيد تعدادهم حول العالم عن خمسة ملايين لاجئ.
بيد ان المرء يشعر بالهلع من وضع اسم سوريا إلى جانب أفغانستان والصومال.
أفغانستان تعاني من ويلات الحروب منذ أربعة عقود تقريبا؛ غزاها الروس، واحتلها الأميركيون، وحكمتها قوات أممية، ثم تركها الجميع لتواجه مصيرها، وتغرق بصراعاتها الداخلية إلى يومنا هذا.
الصومال، بلد ممزق منذ زمن طويل، نالت منه القوى الدولية، والإقليمية وظل ردحا من الزمن نهبا لعصابات وجماعات مسلحة، حتى كاد أن يفقد وجوده ككيان جغرافي، خاصة بعد تقسيمه.
سوريا تواجه ذات المصير اليوم؛ أكثر من نصف سكانها إما نازحين أو لاجئين. وكل يوم يهجرها الآلاف من أهلها هربا من القتل والجوع.
سوريا مثل الصومال؟
من كان يتخيل هكذا سيناريو؟ لكنه للأسف يتحقق أمام أعيننا اليوم، لا بوادر لحل الصراع في سوريا، القوى الدولية غير راغبة بالحسم أبدا، وبالنتيجة سيتمر النزيف البشري؛من ينجو من الموت، يفر لاجئا، إذا استمر الحال على ماهو عليه سنوات أخرى، ستندثر سوريا، كيانا وشعبا وهوية.
تجارب أفغانستان والصومال المريرة تفيدنا بالأسوأ؛ بلدان تتفكك، وتفقد القدرة على وقف النزيف،وتصبح مع مرور الوقت بندا هامشيا على أجندة القوى الدولية، هذا ما حصل مع أفغانستان، التي كانت لوقت قريب محل اهتمام القوى الغربية، لكن مع تراجع خطر تنظيم القاعدة، وتركيز الاهتمام على صراعات أخرى، تراجع الاهتمام بأفغانستان، وصرف العالم الغربي النظر عن معاناتها، وتركت لتواجه مشاكلها المتفاقمة.
اعتقد أن هذا السيناريو سيتكرر في سوريا؛ فإذا ما تمكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، من القضاء التام على تنظيم «داعش» الإرهابي، والجماعات الأخرى التي تشكل مصدرا للتهديد، سيتراجع الاهتمام بالمأساة السورية، وفي ظل الانقسام الحاد في المواقف بين روسيا والولايات المتحدة حول مستقبل سوريا، والخلافات الحادة بين القوى الإقليمية المعنية، ستقوم القوى السورية مقام القوى الدولية، وتتحول البلاد لساحة صراع بين مليشيات طائفية،تتقاسم الأرض،وتهجر السكان، ومن يبقى يتحول لوقود في حروبهم التي لا تنتهي.
النظام سيتحول إلى مليشيا وهو في طريقه لذلك،وحزب الله ومن خلفه إيران ستمسك بما تريد من الأرض، وفي المقابل تتوزع السلطة حسب موازين القوة بين الأطراف المتصارعة على الجانب الآخر.
بالنسبة لملايين السوريين البسطاء، لن يكون أمامهم من خيار سوى الهروب؛برا وبحرا، حتى وإن استدعى الأمر دفع حياتهم ثمنا للهروب من وطن تحول لجحيم.
كم من بلد عربي معرض لنفس المصير. حال اليمن وليبيا ليس بأفضل.مصر تواجه هي الأخرى مستقبلا قاتما؛ عشرات الآلاف من المصريين هجروا قسرا من سيناء، الملايين يحلمون بالهجرة للخارج، ويلقون الموت أحيانا في رحلات البحر.
وماذا بوسع ملايين العراقيين أن يفعلوا غير التفكير بالهجرة من حكم المليشيات الطائفية وتجبرها؟
حتى سنوات قليلة كنا نبكي النكبة التي حلت بالأشقاء الفلسطينيين،ونتوق ليوم تنمحي فيه إلى الأبد، ها نحن اليوم ننعى المزيد من الشعوب العربية، ونسجل رقما قياسيا على قوائم اللجوء الإنساني والعالمي.
بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
23/06/2016
2863