+ A
A -
د. سعاد درير
بعد أن كَثُرَ الحديثُ عن هجرة الأدمغة العربية تلك التي كان يَزهد فيها صُنَّاع الثورة العلمية في بلدانها الأصلية، فإذا بها تَشُدُّ الرِّحالَ إلى العالَم الآخَر ذاك الذي يُثَمِّنُ قدرة العقل العربي على تحقيق التميز وخلق ما يُشبه المعجزة، ها نَحْنُ بِتنا نتحدث عن كبسولات فارغة لا تُغْني ولا تُشْبِع..
نَقِفُ اليوم تحديدا عند هامش لا يَعترف الآخَرُ بوجوده في ظِلّ عدم وجوده على أرض الواقع إلا كفقاعات، فقاعات تَصنع بها أشواك الهواء ما تَصنع بمُجَسَّمات الصابون والماء..
لِنَقُلْ إننا نَفتح نافذة على حَصاد التعليم الجامعي الذي لم يَعُدْ مُؤَهَّلا في أغلبه على امتداد زمننا هذا لإنتاج عقل عربي واعِدٍ بالعطاء، عقل عربي تُرفَع له القبَّعةُ الغَرْبِية، عقل عربي تَحترمه مؤسَّسات العمل الأجنبية تلك التي كانت في زمن سابق تَسْتَكْثِرُ على أبنائها أن يَصلوا إلى مستوى النضج الذي كانت تَصل إليه الأدمغة العربية..
وبعد أن سادَتْ فترات حَلَّقَتْ فيها الأدمغة العربية تلك التي كانت مطلوبة بقوة في حقل العَرْض الأجنبي، ها نَحْنُ مرة أخرى نُعايِنُ دُمى مُدَّعِيةً العقلَ، وبالْمِثل نُعايِن بوصلات ضوئية آيِلة للانطفاء بِحُكْمِ طغيان سياسة الـ«كَمّ» لا الـ«الكَيْف»..
إنها مشاريعُ عقولٍ لا تَعِدُ بشيء، مِن ثمَّة تَزهد فيها المؤسَّسات العربية، فكَيف بالله علينا أن نُفَكِّر في تَواصُل مع الآخَر الأجنبي ذاك الذي غَضَّ الطرفَ عنها بعد أن أَثْبَتَ الواقع الملموس فَشَلَها في إحياء الأمجاد التي كان يُصَفِّقُ لها الباحثون الأجانب، إنهم الباحثون عن العظمة والتألُّق، تَأَلُّق في مستوى انتظار صُنَّاع الصَّحْوَة الدِّماغية بالأَمْس..
في زَمن أصبح فيه مِن الْهَيِّن على الجامعات والمعاهِد والْمَدارس العُليا أن تُوَزِّعَ كعكَة الدبلومات وشهادات الدراسات العُليا والدكتوراه على مَن لا يَعرفون الطريقَ إلى إدارة الحِوار ولا يفقهون شيئا مِن أساليب الإقناع والحِجاج والدفاع عن وجهة النَّظَر، ماذا يُنْتَظَر مِن هؤلاء؟! ماذا يُنْتَظَر؟!
في زمن صَيَّرْنَا أثناءه الباحثَ عاطلا عن التفكير والفارِغَ إطارا وقُدْوَةً، ماذا يُنْتَظَر؟!
في زمن أُهِينَتْ العقولُ النَّيِّرَة ذاتُ الذكاء، واقْتِيدَ طالِبُ لَعْقِ الحِذاء إلى أن يَشغل المناصِبَ لا عن جدارةٍ واستحقاقٍ إنما بِمَكْرٍ ودَهاء، ماذا يُنْتَظَر؟!
في زمن باتَ مَوْسِماً لتفريق ميزة «حسن جدا» و«جيد جدا» على مَن يَجهل خُطَّةَ تصميمِ أطروحَتِه، ماذا يُنْتَظَر؟! ماذا يُنْتَظَر؟!
رسالة إلى مَن لا يهمّهم الأمر: أَعِيدُوا النَّظَر! أَعِيدُوا النَّظَر!
نافِذَةُ الرُّوح:
- «نَحتاجُ إلى رقابةٍ ذاتيةٍ لا إلى فريقِ تَفتيش».
- «الحُكْمُ بالإعاقةِ والتَّجاهلُ وَجهان لِعُملةٍ واحدة».
- «فَتِّشْ في ركبتَيْها عن شعرَةِ حنانٍ».
- «لا تُنْفِقْ دُموعَكَ على قلبٍ مِن رخام».
- «بَيْنَ الخُبْثِ واللُّؤْمِ ما بَيْنَ عَيْنَيْكَ وفَمِكَ».
- «رَتِّبْ حفرةَ قَبرِكَ قبل أن تُرَتِّبَ المزيدَ مِن الأكاذِيب القاتلة».
- «انتقامٌ إلهيٌّ يَكفِي لِيُعيدَ الماءَ إلى نَبْعِه والنَّدَى إلى وَرْدِه والفَرَحَ إلى مَأْوَاه والقَلْبَ إلى قَمِيصِ تَقْواه».
copy short url   نسخ
04/07/2019
2532