+ A
A -
شباك على الدنياقِيلَ إن شاعرا عُرِفَ بِوَلَعِه عِشقاً لحبيبة باتَتْ عنده أجملَ النساء، بل لِنَقُلْ إنها كانت له أجمل مِن كُلّ مَنْ رَأَتْهُ عين عاشقة للجمال والْحُور، فلما وصل الخبر إلى كبيرِهم، وَجَدَ هذا الأخير مِن الحكمة ومِن دواعي السرور (وأكثر من هذا شيء مِن الغرور) أن يَطَّلِعَ على حُسْنٍ يُطلَب ولا يُنال..
لهفةُ الشاعر الذي امْتَحَقَتْهُ نارُ العشق صَيَّرَتْها الأَلْسِنَة حديث الأسواق والقصور، فإذا بكبيرهم مرة أخرى يَتَصَبَّبُ تَوْقاً إلى رؤية محبوبة الشاعر الغالية الفائقة البهاء، ومِن ثمة لم يَجِد الكبيرُ حرجا في طلبه وهو يسأل الشاعر أن يُطْلِعَه على فاتنته الحسناء..
عاد الشاعر إلى مولاه تُرافِقه معبودتُه تلك التي حُسنها لا عين تَراه سِواه، وهنا بلغ الكبير مِن الدهشة ما يكاد يُصيبُ بالخبل، فإذا به يسائل الشاعر بِفُتور، ومَلل، عن هذا الحسن الذي صَوَّرَه له بصرُه العاثر:
- أهذه هي فاتنتُكَ الذي صَيَّرْتَها معبودة مُقَدَّسة؟!
وكان الكبير مصدوما، في هذه اللحظات، بعد أن وَجَدَ جمالَ الفتاة أقلّ بكثير مِن أن يُضرَبَ به الْمَثَلُ في ما عُرِفَ عن فتوحات المحِبِّين الغُزاة، الغُزاة لقلوب الصبايا والنساء، في معارِك الحُبّ التي تُراقُ فيها الدموعُ لا الدِّماء..
فماذا كان جواب الشاعر؟!
إننا وَجَدْناهُ يُبادِر بالدفاع عن عَين قلبِه قائلا:
- إنني أراها بعينَيَّ لا بعينيكَ..
وهنا يا صديقي بيت القصيد ومربط الفرس، لماذا؟! لأن الأصل أن تَكون لكل منا عينه الفنية تلك التي بها فقط يَسعُه أن يغوص في بحر اللذة وهو يتفنَّنُ في تذوُّق الجمال واعتصار قطعة الشهد التي تتصبب حلاوةً تَعِدُ بموعِد مع سُكْرٍ ما أَرْقاه!..
اَلْمُنْتَظَر مِنَّا أن يَنْتَبِهَ كل واحد مِنّا إلى ما في داخله مِن قُدرة خاصة على استشعار مَكامِن الجمال واخْتِبار عَسَل كُلّ خلية مِن خلايا ألفَنّ، ولا غرابة أن هذه الخِبرة لن تَكتسبَها يا صديقي إلا عن طريق التَّعَوُّد والممارَسة..
لهذا، أقولُ لكَ: جَرِّبْ، جَرِّبْ يا صديقي أن تَرى بِمَا يَشتعل في عينيكَ من إحساس ما لا تَراه عامةُّ الناس، فهناك دائما، دائما هناك نُقطة مُضيئة في داخلكَ تُضيء لكَ الطريقَ إلى مُدُن الجَمال تلك التي مِن العَيب ألاَّ يَعْتَرِفَ بها الكُلُّ..
إنها العينُ ألفَنِّية، صَدِّقْ يا صَدِيقي، والعينُ الفنية نُربِّيها يا صديقي، وبِها فقط نَصِل إلى عمق المعنى في ما يَتجلى على مساحة السماء مِن لوحات يَكتبها الغُروب، أو تصبغها الشمس بلون البحر، أو تُفَصِّلُها النجوم على مقاس الضوء الْمُنْفَلِت..
رَبِّ عينَكَ الفنية لِتَمتلك حاسة نقدية تَجعلك مَلِكَ القراءة العاشقة، وصَدِّقْ يا صديقي أن في عينيكَ ريشةً ودَواةَ حِبْرٍ ناطقة..
إِنَّه موسِم اكتشاف صِناعة الجَمال..
نافِذَةُ الرُّوح:
- «عصفورُ الحَظّ لا يَعِدُ بعودةٍ إلى شجرة الحياة».
- «شُموع الرُّوح تَهتِفُ باشتهاءات الجسد».
- «جُنون الْمَحَبَّة قاتِل».
- «عُمْلَةُ النِّسيان نادرةٌ».
- «اَلتَّحَدِّي بَطَلُ معركةِ الحُرِّية».
- «غَيْمُ سماءْ الرغبةِ الْمُجَرَّدةِ كاذِبٌ».
- «سِهام قَوْسِ الحُبّ لا تُخْطِئُ».
بقلم: سعاد درير
copy short url   نسخ
27/06/2019
2250