+ A
A -
مجددا منيت حكومة العدو الصهيوني بهزيمة جديدة في مواجهة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفشلت القوة الصهيونية العاتية في تغيير قواعد الاشتباك واستعادة قدرة الردع التي افتقدتها بفعل الصمود الأسطوري للشعب العربي الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة وثبات المقاومة ونجاحها في تطوير قدراتها الردعية وإحداث المزيد من المفاجآت في التصدي للعدوان الصهيوني ومنعه من تحقيق أهدافه.
وذلك من خلال الرد القوي على العدوان بقصف المستعمرات الصهيونية في جنوب فلسطين المحتلة وافقاد المستوطنين نعمة الأمن والاستقرار.. بل أكثر من ذلك فقد اعتمدت المقاومة في المواجهة الجديدة للعدوان تكتيكا جديدا يقوم على التدرج في توسيع نطاق الرد على العدوان، والتركيز على منطقة محددة وهي مدينة عسقلان، وقصفها بكمية كبيرة من الصواريخ وايقاع خسائر كبيرة في صفوف الجنود والمستوطنين، إلى جانب التهديد بتوسيع دائرة القصف ليطال العمق الصهيوني في تل أبيب وغيرها من مناطق الاحتلال الحيوية سياسيا واقتصاديا في حال وسع العدو من عدوانه على قطاع غزة.. هذا التطور أدى عمليا إلى حرب استنزاف متبادلة، بين القطاع وكيان الاحتلال.. مقابل الدمار وسقوط الشهداء والجرحى في صفوف المواطنين العرب الفلسطينيين، نجحت صواريخ المقاومة في قتل وجرح عشرات الجنود والمستوطنين، وإن لم تكن بنفس حجم الخسائر في صفوف المقاومين والمواطنين الفلسطينيين.. وكان لافتا أن المقاومة استخدمت أسلحة أكثر دقة وقدرة تدميرية، إلى جانب صواريخ الكورنيت التي نجحت في تدمير ناقلة جند وجيب عسكري وتصوير لحظة إصابتهما..
هذا النجاح للمقاومة في إدارة معركة المواجهة مع العدو واستنزاف كيان الاحتلال ادى عمليا إلى مفاقمة مأزق القوة الصهيونية، ووضع حكومة نتانياهو أمام انسداد الآفاق عسكريا، ذلك ان الاستمرار في حرب الاستنزاف يدفع المستوطنين إلى مزيد من النقمة ضدها، في حين أن الإقدام على توسيع العدوان، أو محاولة اجتياح قطاع غزة، سيقود إلى طريق مسدود، فهو ليس مضمون النتائج، عدا عن أنه قد يؤدي إلى غرق جيش الاحتلال في حرب استنزاف من العيار الثقيل، لما تملكه فصائل المقاومة من قدرات على المواجهة المباشرة، والرد في العمق الصهيوني، وتكون النتيجة هزيمة عسكرية وسياسية صهيونية أكبر، ستكون لها تداعيات سلبية خطيرة في داخل الكيان، إن كان على صعيد معنويات الجيش التي ستصاب بمزيد من الضعف، أو على صعيد المستوطنين الذين سيفقدون أكثر الإيمان بقدرة جيشهم على حمايتهم وتحقيق النصر في الحرب.. خصوصا أن التقدم في أداء المقاومة أدى إلى جعل الخبراء والمحللين الصهاينة إلى الاعتراف بتطور أسلوب المقاومة ونوعية الأسلحة التي استخدمتها، من طائرات بدون طيار إلى صواريخ كورنيت، والإقرار بأنها تعلمت كيفية مواجهة الجيش الإسرائيلي.. ما يعني أنها نجحت في إدارة معركة استنزاف باقتدار وذكاء.. في حين انهالت الانتقادات الصهيونية لحكومة نتانياهو نتيجة إخفاقها، واعتبار قبول المجلس الوزاري المصغر لوقف النار بمثابة خضوع لشروط المقاومة الفلسطينية.. واتهام نتانياهو بالجبن والاستسلام.. فيما تبادل المستويان السياسي والعسكري تحميل الآخر مسؤولية الفشل في مواجهة المقاومة وعدم القدرة على استعادة زمام المبادرة.
انطلاقا مما تقدم يمكن القول إن العدوان الصهيوني الجديد، فشل في تحقيق أهدافه، واضطر نتانياهو ومجلسه الوزاري إلى التسليم بشروط المقاومة للعودة إلى التهدئة، وكان لافتا أن المقاومة لم تقبل بوقف للنار إلا على أساس التزام حكومة العدو، عبر مصر، بتنفيذ التفاهمات السابقة القاضية بتخفيف إجراءات الحصار على غزة، ووقف إطلاق النار على مسيرات العودة.. على أن هذه النتيجة لمصلحة المقاومة عكست تجذر خيار المقاومة، وتنامي قدراتها الردعية، وتعزز التفاف الشعب العربي الفلسطيني حول المقاومة، وازدياد ثقته بقدرتها على الدفاع عنه وعن حقوقه الوطنية المشروعة، مما جعله على استعداد لتحمل الخسائر، على عكس المستوطنين الصهاينة الذين أظهروا انهيارا في معنوياتهم وعدم قدرة أو استعداد على تحمل استمرار تساقط الصواريخ على مستعمراتهم.. الأمر الذي يشكل هزيمة كبرى لكل المخططات الصهيونية التي سعت إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني والنيل من إيمانه وتمسكه بمقاومته من دون جدوى.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
11/05/2019
2440