+ A
A -
كثر الحديث في عديدٍ من بلداننا العربية عن ضرورة الارتقاء بالتعليم، باعتباره وسيلةً للارتقاء بالمجتمعات ككل، وتحسين ظروف التعامل في هذه المجتمعات.
ولا نغفل أهمية هذه الطروحات، لكننا في الوقت ذاته، نرى أن الارتقاء بالتعليم لا يتمُّ إلا من خلال منظومةٍ تربويةٍ متكاملة، تتناول مناحي التربية وعناصرها المتنوعة من حيث البناء المدرسي، الذي يجب أن يكون شاملاً ساحات الأنشطة المتنوعة، من ملاعب رياضية، ومسارح وقاعاتٍ للمحاضرات العامة، وصالات للفنون التشكيلية، جنباً إلى جنب مع المعامل والمختبرات العلمية. وبموازاة البناء المدرسي، هناك الحاجة إلى وضع مناهج تعتمد البحث وتشجع على إعمال الفكر بعيداً عن الحفظ والتلقين، وذلك ضماناً لمخرجاتٍ تربوية تفي بحاجة أسواق العمل، مما يعني تنويع وتغيير هذه المناهج حسب التطوُّر الذي يؤثِّر على حياة المواطنين، بعد ما أصبح العالم قريةً صغيرةً بفضل التقدم التكنولوجي وثورة الاتِّصالات.
والمحور الثالث في الارتقاء بالتعليم هو: إعداد المعلم، أو قل المربي، وفق ما توصَّلت إليه نظريات التربية الحديثة، فأنت تضع بين يدي من يقوم بهذه المهمة فلذةَ كبدك، ومستقبل بلدك. وفي هذا الخصوص، أُسهب قليلاً في الحديث عن دور المعلم، وهنا تتداعى على الذاكرة صور كثيرٍ من المعلمين الذين يعتبرون ظلال الأنبياء على الأرض، وفي الوقت ذاته عتمة كثيرٍ ممن غيَّبوا أفكارنا، وامتهنوا التعليم جِزارةً للعقل، وتغييباً للوعي.
نذكر هؤلاء وأولئك، ومن حقِّ ظلال الأنبياء أن نوفّيهم أقدارهم، ومن حقِّنا على من أساؤوا الرسالة أن نلعنهم بالمقابل.
معلِّمو اللغة العربية في مسيرتي التعليمية إلا واحداً، هم من كانوا ظلال الأنبياء في حياتي الشخصية، بدءاً من بهيج القاضي في الصف الأول الابتدائي، وانتهاءً برامز فاخرة في التوجيهية - القسم الأدبي، وهو المربّي الفاضل الذي أشاد بي أمام زملائي في الفصل، ووصفني بالزميل، لأنني كنت أشاغب في الصحف المحلية في بلدي غزة، وكنت على هديه، أشاغب الشعر، أستجدي قوافيهِ، مروراً بعدنان يوسف العلمي الذي شجَّعنا على التهام المعرفة، مشيراً إلى رموز الثقافة في وطننا العربي، ومعزِّزاً فينا الانتماء القوميّ.
بقلم: حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
10/05/2019
1543