+ A
A -
يربي اليابانيون أبناءهم تربية حسنة رغم أن معظمهم لا يدينون بديانة سماوية، و مع ذلك اشتهروا بأنهم شعب ودود و مؤدب، و بأمانة منقطعة النظير حتى انه يقال عنهم: «لا شيء يضيع في اليابان!»، بدليل أن الإحصاءات تقول لنا انه في العام الفائت 2018 تم إعادة مبلغ قياسي وصل إلى 3.8 مليار ين نقدًا إلى مراكز الشرطة في العاصمة اليابانية طوكيو، وهو ما يمثل 45.7 % من إجمالي المبالغ النقدية المفقودة تم إعادتها لأصحابها، فهناك فرق بين مجتمعات يسرق فيها الكحل من العين، و أخرى على خلق قويم تعيد المفقودات لأصحابها.
أتذكر أنني كنت شاهدا على مسافر مغاربي بمطار دولة أوروبية وضع حقيبته بين قدميه خلال إنهائه لمعاملاته في المطار، ليكتشف بعد دقائق أن هناك من استل حقيبته هذه من بين قدميه دون أن يشعر، وفيها متعلقاته و ماله، و لم تفعل له الشرطة في مطار هذا البلد الأوروبي شيئا، فاللص خفيف اليد فر بغنيمته في الحال و ذاب في زحمة المسافرين، حتى إن هذا الشقيق المغاربي بكى ظرفه الصعب دون جدوى.
وسمعت أيضا في إحدى البرامج التلفزيونية أن فنانا عربيا اكتشفت زوجته أن ابنتهما الطفلة الصغير «لطشت» مجلة راقت لها بين دفتيها قصص للأطفال من مكتبة فصلها الدراسي، و حينما حكت لزوجها ما لاحظته زائدا في حقيبة الابنة قرر هذا الفنان أن يلقن ابنته الصغيرة درسا قاسيا، فاصطحبها إلى مركز للشرطة، و قابل الضابط المناوب ليسمع ابنته من هذا الضابط ما يحدث لمن يسرق متعلقات لا تخصه، وشرح لها الضابط أن العقوبة هي رد المسروقات و دخول حجز قسم الشرطة تنفيذا لعقوبة، و تفاهم الأب الفنان مع الضابط ليريا الابنة هذا الحجز و القابعين فيه خلف القضبان، فأعادت الابنة صاغرة هذه المجلة إلى مكتبة فصلها معتذرة، و تبرأت تماما من أي سلوك مشابه.
ورغم أن هذه الحكاية قد لا تكون سليمة تربويا، لأنها تردع سلوك السرقة بالتخويف و الترعيب، إلا أن هذه الابنة عرفت الأمانة من خلال ما فعله والدها، و لم يسجل عليها والداها تاليا أي سلوك خاطئ فيما بعد.
ومن المعروف أن متاجر كبرى في العالم تشكو كثيرا من «لطش» بعض الزبائن معروضات صغيرة الحجم أو بسيطة القيمة يتم سرقتها، وأن السرقة مرض يطلق عليه: «الكلبتومانيا»، وبحسب دائرة المعارف «ويكبيديا»، هو أحد الاضطرابات النفسية التي يكون فيها المريض بهذا الداء اللعين مدفوعاً إلى سرقة الأشياء البسيطة غير باهظة الثمن، حيث لا يكون المريض بهذا الداء بحاجة إليها كما لا يكون عاجزاً عن دفع ثمنها وشرائها، فالهدف هو القيام بفعل السرقة، وليس الرغبة في اقتناء الشيء المسروق أو تناوله، تماما كما الذين يسطون على الشيكولاتة أو قوالب من الحلوى في الهايبر ماركتات، و يتركون أغلفتها فارغة، و يمضون فلا يدفعون ثمن ما يلتهمونه، و يعرفون كيف يتحايلون على كاميرات التصوير، فيتفادونها بإتقان، و هناك فنانات عالميات و شهيرات اعترفن أنهن مريضات بـ «الكلبتومانيا» ومنهن من تم ضبطه بالفعل متلبسا بخطيئته!شباك على الدنيا
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
08/05/2019
1586