+ A
A -
في مقالة سابقة، قبل 8 سنوات بعنوان (قبل أن تضيع لبنان) ذكرت أن هناك حقيقة بسيطة وبديهية، لكنها أساسية، تقول: إن أي مجتمع يتساهل ويقبل بسلاح خارج إطار الدولة الشرعية، تحت أي مبرر أو ذريعة، فإن هذا السلاح سينقلب عليه، إن عاجلاً أو آجلاً، وهذا ما حصل في الساحة اللبنانية على يد (حزب الله) لقد تسامح المجتمع اللبناني مع سلاح حزب الله، تحت دعاوى (المقاومة) ضد إسرائيل و(حماية) لبنان، وقبل العرب شعوباً وحكومات بهذا الوضع الاستثنائي، بل ساندوا حزب الله، سياسياً وإعلامياً على امتداد السنوات السابقة.

ووصفوا أمينه العام ب (سيد المقاومة) ومجدوه شعراً ونثراً، وبعضهم اعتبره (صلاح الدين) الجديد الذي سيحرر فلسطين، وحتى عندما قام السيد نصرالله بمغامرته (غير المحسوبة) وجر الخراب والدمار على لبنان واعتبر ذلك (نصراً إلهياً) صدقة قطاع عريض من الجماهير العربية والخليجية، وقامت وسائل إعلام عربية عديدة بترويج هذا النصر الإلهي، وحذرت من المساس بسلاح حزب الله، وجعلته خطاً أحمر، بل أن العديد من وسائل الإعلام العربية، اتهمت من ينتقد حزب الله، عميلاً يخدم مصالح إسرائيل وأميركا! لقد تضخم حزب الله وأصبح يملك من السلاح ما لا يملكه الجيش اللبناني، ثم تغول وابتلع الدولة واختطف القرار السياسي، بحيث أصبح لبنان لا يملك أمر نفسه حتى في اختيار رئيسه! ولم يكتف حزب الله بلبنان، بل تمدد في كافة الدول العربية والخليجية، يرسل خلاياه، تعيث فساداً وتخريباً وإرهاباً وتثير فتناً طائفية وتمزق النسيج المجتمعي.

لقد كنت مؤمناً منذ بداية تأسيس حزب الله 1982 على يد الحرس الثوري، أنه مجرد ذراع سياسية وعسكرية تابعة لنظام الولي الفقيه، يأتمر بأمره وينفذ توجيهاته، ولم أصدق يوماً انتصاراته المزعومة على إسرائيل، لا عام 2000 حيث انسحبت إسرائيل انسحاباً أحادياً فيما يعرف بالشريط الأمني، ولا عام 2006 حيث اعترف نصرالله بأنه لو كان يعلم بأن اختطاف جنديين إسرائيليين، كان سيؤدي لحرب، ما فعله!

لقد حذرت في تلك المقالة، وطالبت بتحجيم سلاح حزب الله ودمجه في سلاح الدولة وإخضاعه لسلطة الحكومة الشرعية، لأن وجود هذا السلاح وبهذه الكثافة في يد أي جماعة سياسية طائفية، يجعلها تمارس سلطة تنافس السلطة الشرعية، بل وتتجاوزها، هذه بديهية معروفة لدى كافة شعوب ودول العالم التي أجمعت على أن الدولة هي (المحتكر) الوحيد للسلاح، وهكذا وبسبب هذا السلاح العدواني الطليق، أصبح لبنان (ضحية) وصار اللبنانيون (رهائن) لدى حزب الله، وما ذلك إلا لأنهم سكتوا ومجدوا هذا السلاح، إضافة إلى أن العرب لم يتخذوا أي إجراء في مواجهته وتحجيمه، بسبب العجز والضعف في (النظام) العربي، إذ لولا هذا العجز وذلك الضعف، ما استطاع نظام ولي الفقيه (الماكر) أن يتغلغل في العمق العربي ويثير فساداً عريضاً، ويتمدد عبر خلاياه السرطانية في الجسد العربي العليل.

وأخيراً: استيقظ الخليجيون، ليكتشفوا كم أساء حزب الله إلى لبنان وسورية وبقية الدول العربية والخليجية، تخريباً وأعمالاً عدوانية! وليقرروا بالإجماع تصنيف حزب الله (منظمة إرهابية) وليلاحقوا أذرعه الإعلامية، وأن يأتي القرار ولو متأخراً خير من أن لا يأتي، وهذا القرار هو البداية الصحيحة لتحجيم سلاح حزب الله، وإضعاف دوره، وحماية لبنان من مصير بائس على يد هذا الحزب التابع لنظام ولي الفقيه، لبنان اليوم في محنة عظيمة، وعلى العرب والخليجيين إنقاذه وفكه من أسر حزب الله وسلاحه الذي انقلب على المجتمع اللبناني والمجتمعات العربية، ولكن على اللبنانيين أن يتحركوا ويحرروا لبنان من سلاح حزب الله، أولاً، وهم قادرون بدعم من العرب والخليجيين، وعلى الجيش اللبناني، واجب وطني كبير، أن يتحرر من نفوذ حزب الله، إلى متى يستمر لبنان تحت وصاية حزب الله وسلاحه المتحكم في مقدرات لبنان، والمعطل للنمو الاقتصادي، والطارد للسياحة والاستثمار؟! وإلى متى تستمر إرادة فصيل طائفي فوق إرادة الدولة والمجتمع؟!

على العرب والخليجيين والمجتمع الدولي مساعدة لبنان في التحرر من هيمنة وقبضة حزب الله على القرار السياسي.



بقلم : د.عبدالحميد الأنصاري

copy short url   نسخ
14/03/2016
1043