+ A
A -
بما أن واشنطن ضليعة في استخدام أدوات الإرهاب لإخضاع الدول التي تنتهج سياسات مستقلة، أو تعتمد سياسات متوازنة في علاقاتها الخارجية، وبما أن هناك موروثاً من الصراع الداخلي في سريلانكا التي تتميز بتعدد وتنوع سكاني، وهناك حديث عن وجود صراع داخلي تتغذى منه القوى المتطرفة في البلاد، وجدت واشنطن أن التربة خصبة للدخول على الخط للاستثمار في هذا الصراع وهذه التربة، عبر دفع الجماعات الإرهابية لتنفيذ مثل هذه الهجمات الإرهابية في يوم عيد الفصح، ووضع سريلانكا على حافة الانزلاق إلى مستنقع الاضطراب الداخلي وعدم الاستقرار، مما يؤثر سلباً على السياحة والاستثمار فيها واستطراداً على الاستثمارات الصينية، ويوفر الأرضية للإدارة الأميركية لكي تتدخل في الشؤون الداخلية عبر الإعلان عن استعدادها لتقديم المساعدة الأمنية لمواجهة هذا الخطر الإرهابي، لكن بشروط.. ويبدو من الواضح أن واشنطن قد بدأت تنفيذ خطة خطيرة لابتزاز الحكومة السريلانكية ودفعها إلى طلب المساعدة الأمنية الأميركية لمواجهة خطر الإرهاب، وهذه الخطة تمثلت في مسارعة وزارة الخارجية الأميركية إلى التحذير من سفر جماعات إرهابية إلى سريلانكا وأن إرهابيين قد يشنون هجمات دون سابق إنذار يذكر أو دون إنذار على الإطلاق، وأن من بين الأهداف المحتملة أماكن سياحية ومحطات وسائل النقل ومراكز تجارية وفنادق وأماكن عبادة ومطارات ومناطق عامة أخرى.. من الواضح أن هذا البيان للخارجية الأميركية إنما هو بمثابة إنذار أميركي وتهديد مبطن للحكومة السريلانكية من أنها إذا لم تقبل أو تطلب المساعدة الأميركية وبالتالي تستجيب لشروط واشنطن في الدخول في تحالف أمني مع أميركا لمواجهة خطر الإرهاب، وتتوقف عن فتح أبوابها أمام الاستثمارات الصينية، فإن سريلانكا ستتحول إلى مسرح للهجمات الإرهابية وتعم الفوضى فيها وتضرب قطاع السياحة، وتقضي على مشاريع الاستثمار في البلاد.. ولوحظ أنه بعد أيام قليلة على بيان الخارجية الأميركية حدث تفجير إرهابي جديد على بعد أربعين كيلومتراً من العاصمة كولومبو.. لهذا فإن امتداد الإرهاب إلى سريلانكا وتحولها إلى هدف له للنيل من أمنها واستقرارها يبدو أنه ليس بعيدا عن خطط واشنطن لتطويع وإخضاع هذا البلد الآسيوي والتصدي لتوسع نفوذ الصين الاقتصادي الذي يثير قلق واشنطن أكثر من أي شيء آخر، لاسيما أن الصين تسير قدما في مشروعها الهادف إلى إعادة الحياة إلى طريق الحرير عبر مد شبكة مواصلات برية وبحرية وتطوير موانئ في سريلانكا وباكستان وغيرها لتأمين انسياب حركة انتقال السلع والأفراد ببن جميع الدول التي يمر منها طريق الحرير، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق قفزات مهمة في معدلات نمو الاقتصاد الصيني وتعزيز التنمية في الدول التي يمر منها طريق الحرير.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
28/04/2019
1867