+ A
A -
بعد ثمانية أيام على إعلان الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني إضرابهم تحت شعار معركة الكرامة 2 رضخ الاحتلال الصهيوني مجدداً لمطالب الأسرى الذين واجهوا مؤخراً هجمة صهيونية إرهابية قمعية شرسة استهدفت النيل من الإنجازات التي حققوها في نضالاتهم المستمرة وإعادة إخضاعهم لشروط السجان الصهيوني القائمة على حرمانهم من أبسط حقوقهم في المعتقلات..
لقد سلمت سلطات الاحتلال بالموافقة على تركيب أجهزة هواتف في أقسام الأسرى، وإعادة الأسرى المنقولين في اقتحام سجن النقب الأخير، وإخراج المعزولين من العزل الانفرادي، وتخفيض قيمة الغرامات التي فرضت على الأسرى للنصف، وإزالة أجهزة التشويش، ولكن لاحقاً لحين التعرف على نتائج تركيب أجهزة الهاتف العمومية.
وجاء هذا الرضوخ لمطالب الأسرى بعد بدء 150 أسيراً فلسطينياً إضراباً مفتوحاً عن الطعام، بعد فشل الحوار مع إدارة سجون الاحتلال.. مدشنين بذلك المرحلة الأولى من «معركة الأمعاء الخاوية» ثم بعد أيام انضم المزيد من الأسرى للإضراب ووصل عددهم لقرابة 400 أسير، في سياق خطة تصعيدية في حال أصرت سلطات العدو على عدم الاستجابة لمطالبهم..
هذه النتيجة السريعة التي تحققت من الإضراب الجديد لم تكن لتتحقق لولا وحدة الأسرى والإرادة الحازمة في مواجهة المحتل، ولولا التضامن معهم من قبل أبناء الشعب العربي الفلسطيني في داخل فلسطين المحتل وخارجها وتحول قضيتهم إلى قضية رأي عام تكبر يوماً بعد يوم مع استمرار الإضراب..
على أن هذه الانتصار الجديد للأسرى أكد جملة من الدلالات المهمة أبرزها:
الدلالة الأولى: تأكيد جديد على انتصار إرادة المقاومة لدى الأسرى الذين لا يملكون في مواجهة إرهاب الاحتلال سوى إرادة الصمود والمقاومة عبر خوض معركة الأمعاء الخاوية، فصنعوا من إضرابهم عن الطعام سلاحاً قوياً في مجابهة الإجراءات التعسفية الإرهابية والوحشية التي يلجأ إليها المحتل ضدهم لكسر إرادتهم وإخضاعهم في انتهاك سافر لحقوق الإنسان..
الدلالة الثانية: لقد أثبت الأسرى من خلال مقاومتهم، القدرة على كسر إرادة المحتل وإجباره على التراجع أمامهم، وهذا دليل آخر على أن لا سبيل لتحقيق أي مطالب عادلة أو استعادة أي حق من الحقوق أو تحرير الأرض إلا من خلال انتهاج خيار المقاومة، فلو أن الأسرى لم يقاوموا السجان لما رضخ لمطالبهم، بل كان تمادى في إجراءاته الإرهابية والقمعية ضدهم، ومن ثمَ فإن تحرير الأرض وإجبار العدو على الانسحاب منها لن يتم إلا عبر المقاومة المسلحة على غرار ما حصل في قطاع غزة وجنوب لبنان..
الدلالة الثالثة: إن الوحدة الوطنية التي تجلت في معركة الأسرى تقدم نموذجاً ومثالاً على أنها السبيل لقطع الطريق على مخططات الاحتلال واستنهاض الشارع الفلسطيني والعربي وكسب تأييد الرأي العام العالمي.. وبالتالي فان وحدة الأسرى تشكل دليلاً مهماً لجميع القوى الفلسطينية بأن الوحدة الحقيقية إنما تتحقق في ميدان مقاومة ومواجهة المحتل..
الدلالة الرابعة: إن تحرير الأسرى لن يتحقق إلا من خلال المقاومة، وتحديداً عبر أسر جنود للاحتلال وإجبار العدو على إجراء مفاوضات غير مباشرة لمبادلتهم بالأسرى في السجون الصهيونية، وهذا ما أكدته عمليات المبادلة التي أجرتها المقاومة في لبنان في محطات عدة، وكذلك المقاومة الفلسطينية.. ولهذا فإن أسرع طريق لتحرير الأسرى إنما يكون بالعمل على أسر جنود للعدو..
خلاصة الأمر.. لقد أكدت مقاومة الأسرى دروساً جديدة وقدمت نموذجاً مهماً في مواجهة إرهاب المحتل وقدرة على كسر إرادته وتحطيم جبروته وإجباره على التراجع.. وبالتالي على الفصائل الفلسطينية أن تتخذ الدروس والعبر من هذا النموذج للوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
20/04/2019
1638