+ A
A -
أسفرت الانتخابات الصهيونية عن حجم ازدياد التشدد والعداء الصهيوني، أحزاباً ومجتمعاً، ضد العرب وحقوقهم، وظهر ذلك بوضوح من خلال الحملة الانتخابية التي شهدت تسابقاً وتنافساً بين الأحزاب التي خاضت الانتخابات على من هو أكثر سخاءً في تقديم الوعود في برامجه السياسية للاستيلاء على المزيد من الأراضي العربية وتكريس الاحتلال الصهيوني لها، وتجسد ذلك بوضوح من خلال:
- بعد اعتراف دونالد ترامب بضمّ كيان العدو للجولان المحتلّ، عشية إجراء الانتخابات، مضيفاً بذلك هدية جديدة لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتانياهو، بعد هديته الأولى بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة والاعتراف بها عاصمة موحدة للدولة الصهيونية اليهودية العنصرية، أعلن نتانياهو أنه، إذا ما فاز في الانتخابات، سيقوم بضمّ المستوطنات الصهيونية الكبيرة والصغيرة، في الضفة الغربية المحتلة، والتي تبلغ مساحتها 60 بالمائة من مساحة الضفة، إلى كيانه الاحتلالي، وهو ما أعاد التأكيد عليه، إثر انتهاء الانتخابات، النائب عن حزب الليكود يسرائيل كاتس: إنّ الحكومة الإسرائيلية القادمة ستقوم بضمّ الضفة الغربية إلى إسرائيل.
- تأكيد تحالف «أزرق أبيض» المشكل من جنرالات سابقين بقيادة بني غانتس، عن التزامه بتكريس تهويد القدس والجولان والضفة وإلغاء حق العودة لأبناء الشعب الفلسطيني إلى أرضهم في فلسطين المحتلة عام 1948 وعام 1967.
هذا التصاعد في السباق بين الأحزاب الصهيونية على إطلاق المواقف المتطرفة والعدوانية للاستيلاء على المزيد من الحقوق العربية، يؤكد حقيقة أنّ مجتمع المستوطنين الصهاينة إنما هو قام ويقوم على سرقة الأرض العربية بدءاً من فلسطين وبالتالي فهو يصوت لمن يؤيد ذلك في برامجه الانتخابية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا يزداد المجتمع الصهيوني وأحزابه تطرفاً وعدواناً؟ وما هي دلالات ذلك؟
العقود الماضية من الصراع العربي الصهيوني أثبتت أنّ صعود قوة الاتجاه الأشدّ تطرفاً في كيان العدو المحتلّ، قد تزامن مع سيادة خيار المراهنة على تحقيق التسوية السياسية مع هذا العدو، وتحوّله إلى خيار استراتيجي، تجسّد في توقيع اتفاقيات صلح مع الحكومات الصهيونية اعترفت بوجود كيان الاحتلال، محققة له ما يصبو إليه من إضفاء الشرعية على وجوده الاغتصابي لأرض فلسطين العربية المحتلة، بدءاً من اتفاقيات كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري أنور السادات مع رئيس وزراء العدو مناحم بيغن، ومروراً بتوقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة العدو برئاسة إسحق رابين عام 1993، وانتهاءً بتوقيع اتفاقية وادي عربة بين رابين ورئيس الوزراء الأردني عبدالسلام المجالي عام 1994.. لقد أدّت هذه الاتفاقيات إلى حصول القادة الصهاينة على ما أرادوا من دون أن يتخلوا أو يتراجعوا عن مخططهم الاستعماري الاستيطاني التوسعي في الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان وجنوب لبنان.. فهم نالوا الاعتراف باحتلالهم للأرض الفلسطينية التي احتلوها عام 48، وتفكيك المقاطعة الرسمية العربية للكيان الصهيوني، واستفادوا جيداً من الاتفاقيات المذكورة لإنهاء مقاطعة دول عدم الانحياز للكيان «الإسرائيلي»، وإقامة العلاقات الدبلوماسية معها، ما أدّى إلى خسارة العرب التأييد والتضامن الدولي الكبير الذي كانوا يحظون به دعماً لنضالهم المشروع لتحرير أرضهم المحتلة.. حتى أنّ كيان الاحتلال نجح، بالاستناد إلى مثل هذه المكتسبات، في إلغاء قرار أممي يساوي بين الصهيونية والعنصرية.. واليوم تستمرّ بعض الحكومات العربية بمواصلة نهج الانفتاح على الكيان الصهيوني، على الرغم من ازدياد التطرف والتشدّد والعدوان الصهيوني على الحقوق العربية، وإقفال الأبواب أمام إمكانية تسوية سياسية، توهّموا أنها سوف تتحقق إذا ما جنحوا نحو التفاوض مع العدو، وسلموا بوجوده.. ومن الطبيعي أن يؤدي هذا النهج إلى تشجيع القادة الصهاينة ومجتمع المستوطنين على التوغل في تطرفهم واحتلالهم وسرقتهم للأرض والحقوق العربية..على أن هذه النتيجة أكدت الدلالات التالية:
الدلالة الأولى: سقوط أوهام المراهنين على تحقيق التسوية مع كيان الاحتلال، وتأكيد أن التنازلات لمثل للكيان الصهيوني إنما زادته تعنتاً وتشدداً وجنوحاً نحو التوسع في الأرض العربية في فلسطين المحتلة والجولان العربي السوري المحتل، وها هو يلقى التشجيع من الإدارة الأميركية للإقدام على ضم الضفة الغربية المحتلة .
{ (يتبع)
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
13/04/2019
1682