+ A
A -
يقول شوقي:
إني لأذكر بالربيعِ وحسنِهِ
عهدَالشبابِ، وطِرفَه الممراحِ
هل كان إلا زهرةً كزهورهِ
عجل الفناءُ لها بغيرِ جُناحِ
والربيعُ يستحثُّ الكاتبَ والفنانَ والمبدعَ بعامةٍ، على الخَلقِ الفنّيّ، ها هي نسائمه الصباحيةُ تدغدغُ الأحاسيسَ وتبعثُ النّشوةَ ببرودتها اللطيفةِ في الأجسادِ، رغمَ أنها هنا في كندا، جاءَت خلال اليوميْن الماضييْن مصحوبةً بعاصفةٍ ثلجية دامت ثلاثةَ أيامٍ في مقاطعة نوفاسكوشيا إحدى المقاطعات الكندية المطلَّة على الأطلسي، فأجبرت المتطلِّعين إلى نسائم الربيع وطرفه الممراح - من أمثالي - على البقاء رهن محابسهم في البيوت، يطالعون الأخبار، وأنباءَ صفقة القرن، التي بدأت ملامحها تتكشّف مع حلول الربيعِ الذي لا يبدو ربيعاً في بلادي، حيث علت أصواتٌ تقول:
إن شرّ ما ارتُكِب بحق القضيةِ الفلسطينية أخيراً هو اتفاقات أوسلو، التي كانت وبالاً على الفلسطينيين، ولم تحفظ لهم أرضاً ولم تراعِ للمواثيق ذمةً !
أعود إلى الربيع هذا الفصل الساحر من فصول العام يستوي ذلك في الشمال الأميركي وفي الجنوب الإفريقي، ويحسُّ الفنان أن تحدّي الطبيعة الراقصة المتزينة له، لا يُقاوَم، لكن هذا الفنان في عالمنا العربي مُكتوٍ بنيرانٍ حارقةٍ محرقةٍ، ورؤى مشوَّهة تزيل كلَّ آياتِ الجمال تلك.
وأنا ضعيفٌ أمام الجمال، والطبيعةُ جزءٌ من الجمالِ بخَدَرِها وطُغيانها، وتلوُّنِ أجوائها، ومفرداتها، وكلُّ ما تحتويه، ومن تحتويهِ.
لكن كيف - بالله عليك - يحلو للمرءِ أن يُغني، وطبولُ الأسى يعلو صوتُها على أيةٍ نغمةِ حبٍّ، أو زغرودة فَرَحٍ أتمثّل مع حلول هذا الربيع قولَ شاعرنا القديم:
أرى خَللَ الرمادِ وميضَ نارٍ.. وتوشكُ أن يكونَ لها ضِرامُ
لئن لم يَطْفها عُقلاءُ قومٍ.. يكون وقودُها جُثَثٌ وهامُ
ولا يبدو أن لعقلاء القوم، قدرةً على إطفاءِ ذلك الحريقِ الذي تُصِرُّ على إشعالهِ كلُّ قُوى الشرِّ والكراهية للإنسان العربي، وقضاياه، وأحلامه..
ورغم ذلك واستبشاراً بهذا الربيع، فإنني أؤكد تفاؤلي، فلم أكن في يومٍ ما متشائماً.
copy short url   نسخ
12/04/2019
1606