+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 804م وُلد «ألفارو» أُسقف قرطبة، نقلَ عنه «زيجريد هونكه» في كتابه «الله ليس كذلك» أنه قال:
«إن كثيرين من أبناء ديني يقرأون أساطير العرب، ويتدارسون كتابات المسلمين من الفلاسفة وعلماء الدين، ليس ليدحضوها وإنما ليتقنوا اللغة العربية، ويُحسنوا التوسل بها حسب التعبير القويم والذوق السليم، وأين نقعُ اليوم على المسيحي من غير المتخصصين الذي يقرأ التفاسير اللاتينية للإنجيل؟ بل من ذا يدرس منهم حتى الأناجيل الأربعة والأنبياء ورسائل الرُسل؟ إن شبابنا المسيحي الذين لمعوا وبزوا أقرانهم بمواهبهم لا يعرفون سوى لغة العرب والأدب العربي، إنهم يتعمقون بدراسة المراجع العربية باذلين في قراءتها ودراستها كل ما في وسعهم من طاقة، منفقين المبالغ الطائلة في اقتناء الكتب العربية، ويذيعون جهراً في كل مكان أن ذلك الأدبي العربي جديد بالإكبار والإعجاب! ولئن حاول أحد إقناعهم بالاحتجاج بكتب المسيحيين فإنهم يردون باستخفاف ذاكرين أن تلك الكتب لا تحظى باهتمامهم! وامصيبتاه! إنك لا تكاد تجد اليوم واحد من الألف يستطيع أن يدبلج رسالة بسيطة باللاتينية السليمة، بينما العكس من ذلك لا تستطيع إحصاء عدد من يُحسن العربية تعبيراً وكتابةً وتحبيراً بل إن منهم من يقرضون الشعر بالعربية، حتى لقد حذقوه وبزوا في ذلك العرب أنفسهم!»
هذا كلام ألفارو بالحرف!
على ما يبدو أن حياة اللغة صورة مصغرة عن حياة الناطقين بها! لا تتربع لغة على قائمة لغات الأرض إلا إذا تربع الناطقون بها على قائمة البشرية علماً وفكراً ورقياً وحضارة. وعلى ما يبدو أن ابن خلدون يوم قال «إن المغلوب مولع بتقليد الغالب» كان يعني أنه يقلده في لسانه ولغته أيضاً، ولو نسج شيخ عربي رسالة عن أبنائنا على منوال ما نسجه القس ألفارو يومذاك ما كان مُغالياً!
اللغة هي الناس وكما تكونوا تكون لغتكم!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
04/04/2019
2128