+ A
A -
لا تستطيع تعليل أسباب سعادتك المفاجئة، أوبوزك وكتمتك...
هذه أحاسيس لا قدرة للعقل في السيطرة عليها، تكون مزقطط وفرحان والدنيا مش سايعاك وتغني: يا أصحابي يا أهلي يا جيراني، أنا عاوز آخدكُ فْأحضاني، كما فعل صاحبي عيد سعيد، ذات صباحٍ، وهو يحلق ذقنه، فتداخلت مع صوته العذب جملة نشاز من الغرفة:
- مين همّه دول يا عيد؟
لا أصف لكم حالة صاحبي «أبو السعيد»، الذي انقلبت سحنته، وأجاب على الفور:
- عدة الحلاقة يا مدام نَكَدو.
السعادة حالةٌ سرُّها نابعٌ من الذات، هناك بنو آدمين لا يعرفون إلا المرح، يؤمنون بمرتكزات الأخلاق الثلاثة: الحق، والخير، والجمال، فيعيشون في أفيائها من العدل والحرية والإيثار، وتغليب المنفعة للآخرين، والابتعاد عن الضغينة، مؤمنين بقول شاعرنا أبي ماضي:
من تكن نفسه بغير جمالٍ..لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً
فهم لا يروْن إلا الجمال المفلتَر في الأشياءِ والأفعال، فيعملون على نقله، ويتكفّلون به في سلوكيّاتهم.
وقد نشأنا في طفولتنا، ومجتمعاتنا العربية، رغم آفات الاحتلال على التنعّم بمفردات حياتنا الجميلة في الأشياء والمعاملات.
والعبد لله محسوب الجمال في شتى صوره ومناحيه، لأنه إبداع الله الذي هو الحق في الأرض، لذا لم أكن في يومٍ من الأيام مكتئباً أو غير متفائل رغم المِحَن والمآسي التي عايشتها، وعايشتني، وحينما اٌقرأ نبأ مبشراً انتشي فرِحاً وأغني كما فعل صاحبي عيد سعيد: يا حبايبي يا أهلي يا جيراني.. إلخ، وحينما أتابع أنشطة الأولاد والأحفاد لا تسعني الدنيا من الفرح، لأنهم في حياتي عناصر الحب والجمال والبهجة، فأنا مخلوقٌ ربط نفسه بأسباب السعادة. أما الاكتئاب- والعياذ بالله- فهو حالةٌ أخرى مسبباتها لا تُعَدُّ ولا تُحصى، اللي حاطط بعرة على مناخيره لا يشمُّ إلا رائحةً مقرفة، واللي خايف من أي خطوةٍ يخطوها يعيش مرتعباً متوجِّساً خاشياً قرفان، لاعناً سنسفيل الدنيا، فيكون مكتئباً.
افتحوا نوافذكم على رياح الحق والخير والجمال، وستكونون كصاحبي عيد سعيد الذي لا يملُّ الغناء رغم حرمه الست نَكَدو.
بقلم: حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
29/03/2019
1841