+ A
A -
لكل أمٍّ في الوطن العربي، وكل أسرةٍ فيه تحتفل بيوم الأم مع بدء فصل الربيع..
فقدت أمي صبياً، وعشت منذ فقدها سنواتٍ طويلةً لطيماً، فاقداً الحنان الذي لا توفره إلا الأم، رغم كثرة الأمهات في عائلتي إلا أن اللطيم (وصفٌ يطلق على فاقد الأم في اللغة) لا يشعر بالحنان إلا من رائحة أمه..
يقولون في الأخبار إن جدياً صغيراً فقد أمه العنزة، فلم يتوقف عن الصراخ، رغم اتفاق معظم عنزات القطيع على إرضاعه، فهو لم يجد في لبنهن، دفء لبن أمه، وكذا اللطيم بين البشر!
غير أن الله سبحانه وتعالى، عوّضني على كبر، برفيقة العمر الحانية التي عشت في رعايتها وحدبها على أبنائنا، الأم المثالية التي رجوتها، وكافأتني بثلاث لآلئ تزوجن جميعهن وكنّ خير أمهاتٍ عرفت..
رأيت وعشت في أمومة رفيقة العمر وكريماتي كل معاني الحب والحنان اللذين افتقدتهما برحيل الوالدة المبكر..
ولا أسهب في الحديث عن الأمومة وبركة هذا اليوم الذي أرجو أن نظلله بكل معاني الحب والقدسية والاحترام وأن نغفل ونتجاهل كل الدعوات الغبية بإنكار شرعية هذا اليوم، ذلك لأن أولئك المكفّرين ينكرون قيم الحق المتمثلة في الحب والخير والجمال ألا تباً لهم..
تباركت الأم التي تشقى وتسهر الليالي ولا تجف دموعها، وهي تروي بسخاءٍ وعطاءٍ غِراس الخير في أبناءٍ صالحين لأنفسهم ومجتمعاتهم الخاصة وأوطانهم..
ومن حق الأم التي قدمت وتقدم كل ما في إمكاناتها لإسعاد بنيها وأسرتها ككل أن يقدم لها المجتمع العرفان والتقدير وفاءً لدورها المثال والقدوة في التنشئة الصالحة.
ولا أعني بذلك احتفالاً موسمياً، نغني فيه ونقدم باقات الزهور والكلمات الإنشائية وحسب، بل أطالب بأكثر من ذلك، أطالب بأن نركز في ساعات النشاط الثقافي والاجتماعي في مدارسنا على تنوير عقول الأبناء بسِيَر أمهاتٍ صالحاتٍ في مجتمعاتنا العربية، كان لهنّ السبق في شتى المناحي والميادين: الثقافية، والخِدمية، وحتى الجهادية، فكم من أمٍّ عربيةٍ قدمت فلذات أكبادها طوعاً وبإرادتها في سبيل الوطن وإعلاء كلمته، والحفاظ عليه.
وكما أطالب وسائط بثنا الإعلامي بأن تخصص فقراتٍ عن أمهاتٍ عرفهنّ تاريخنا العربي، لتكون حافزاً للناشئة، وتكريماً لمعنى الأم في موروثاتنا الثقافية.
ويا كل أمٍّ في وطني العربي الكبير..أحييكِ، وأنحني احتراماً لك يا منبع العطاء الذي لا ينضب.
بقلم: حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
22/03/2019
2160