+ A
A -
هذا ما يجعل تل أبيب تبحث عن سبل مواجهة هذا المأزق الاستراتيجي، لكن لا تجد بديلاً للولايات المتحدة الأميركية يمكن أن يدعم مشروعها العدواني التوسعي التصفوي للقضية الفلسطينية، أو قادر على حمايتها من قوى المقاومة التي ألحقت الهزائم المتتالية بالجيش الإسرائيلي، الذي كان يقال انه قوة لا تقهر.. بدءاً من انتصار المقاومة عام ألفين بتحرير معظم الأرض اللبنانية في الجنوب والبقاع الغربي من الاحتلال الصهيوني، دون قيد ولا شرط أو ثمن مقابل، مروراً بالانتصار الذي حققته على الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه على لبنان عام 2006 وانتهاء بانتصارات المقاومة المتتالية على جيش الاحتلال في قطاع غزة.. هذه الانتصارات للمقاومة وتزايد قوتها أدت إلى إدخال إسرائيل وجيشها، الذي يشكل أساس قوتها ومشروعها، في مأزق استراتيجي وحالة من التخبط نتيجة عجز قوة هذا الجيش عن تحقيق النصر في أي حرب جديدة في مواجهة المقاومة وتآكل قدراته الردعية أمامها..
هذه الأزمة التي يعاني منها جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأت تعبر عن نفسها في مؤتمرات مراكز الأبحاث الإسرائيلية التي أصبح تركيزها الأساسي على تشخيص هذه الأزمة والبحث عن كيفية الخروج منها، لكن دون جدوى، لأن المشكلة التي ليس لها حل أبداً إنما تكمن في كيفية إقناع الجيش الإسرائيلي، ضباطاً وجنوداً، بأنه يملك الإيمان والقدرة على تحقيق النصر إذا ما ذهب إلى خوض حرب جديدة في مواجهة المقاومة.. وفقدان الإيمان، ليس له علاقة بقدرات الجيش العسكرية الذي يملك أحدث الأسلحة في الجو والبر، وإنما نتيجة انعدام الوعي حسب توصيف مركز أبحاث الأمن القومي في مؤتمره الأخير الذي أقر بعجز القوة الإسرائيلية عن شن الحرب وعدم استعداد الجمهور الإسرائيلي دفع ثمن الحرب وتأكيده بأن الجيش الإسرائيلي في «حالة خطرة ولديه مشكلة في الوعي».. وفي هذا السياق رأى اللواء غولاني أن «اعتبار سلاح الجو هو الأساس أمر خطير»..
هذه الخلاصة التي توصل إليها المؤتمر لها دلالات غاية في الأهمية، فهي من جهة تعكس طبيعة الجمهور الإسرائيلي الذي ليس لديه الاستعداد لتحمل أي خسارة مادية أو بشرية، وهذا يؤكد حقيقة أنه ليس لديه الإيمان ولا القناعة بأنه على حق أو يدافع عن قضية عادلة حتى يقدم التضحيات في سبيلها، ما يعني أنه يقر بقرارة نفسه انه معتدٍ، ومن جهة ثانية تظهر الصورة الحقيقية للجيش الإسرائيلي بأنه غير مستعد لخوض القتال الجدي في مواجهة مقاومين أشداء مستعدين للشهادة على عكس الجنود الصهاينة الذين يخافون الموت، وتكشف أيضاً بأن انتصارات هذا الجيش عام 1948 وعام 1967 لم تكن بفعل قتال فعلي في الميدان، بقدر ما كانت انتصارات سهلة نتيجة تخاذل الأنظمة العربية، وعدم الاستعداد لمقاومة الجيش الإسرائيلي على غرار جنوب لبنان وقطاع غزة.. ومن جهة ثالثة تؤكد فقدان الروح المعنوية لدى الجيش الإسرائيلي والتي يزيد من فقدانها الحرب النفسية المستمرة التي يشنها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته ومقابلاته التي تنقلها وسائل الإعلام الإسرائيلية، حتى بات الرأي العام الإسرائيلي يصدق ما يقوله السيد نصرالله، فيما هو لم يعد يصدق قياداته... وآخر اعترافات وسائل الإعلام الإسرائيلية بنجاح السيد نصرالله، في اختراق الوعي الجمعي لمجتمع الكيان الصهيوني، ما عرضته قناة «كان» في التلفزيون الإسرائيلي من برنامج يسلط الضوء على المزايا القيادية للسيد نصرالله ومستوى الخطورة التي تجسدها قيادته للمقاومة على الكيان الإسرائيلي.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
11/03/2019
1702