+ A
A -
لا يمكن لقائد مركبة أو شخص يمر من أمام مركز السدرة للطب والبحوث أن يتجاهل تلك المجسمات الفنية الموجودة على قارعة الطريق والتي أضحت علامة مميزة وهي هدية من متاحف قطر لمركز السدرة، وفي الحقيقة لم أتمالك نفسي منذ بضعة أيام، وأنا أشاهد هذه القطع الفنية المنصوبة بعناية فائقة لتحكي لنا حكاية خلق الإنسان ومراحل تطور الجنين في رحم أمه، فغيرت مساري واقتربت نحو هذه الأعمال لأتفحصها عن قرب.
وبالفعل نجحت هذه المجسمات الفنية التي أبدعها الفنان البريطاني داميان هيرست كأضخم مشروع فني يتم تنفيذه له في الشرق الأوسط وربما في العالم في أن تستثير رغبتي الفنية لمعرفة معلومات أكثر عن هذا المشروع، وهالني حجم الإبداع والأسرار التي تحيط بهذا الإنجاز الكبير والذي للأسف نحد البعض ربما ينظر له على انه عمل عادي أو أنها مجرد تماثيل!!
في الحقيقة مجموعة داميان هيرست، وهو أحد أهم الفنانين في العالم، تم تنفيذها خصيصًا بطلب من سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، ليتم وضعها في هذا المكان بمناسبة افتتاح المركز، وهي عبارة عن مجسمات فنية للبريطاني داميان هيرست تحت عنوان «الرحلة المعجزة».
وبدأ هيرست بتنفيذه عام 2005، واستغرق العمل على إنهائه ثلاث سنوات، وأطلق عليه عنوان «الرحلة المعجزة»، هذه المجسمات التي تعد جزءًا من مساعي هيئة متاحف قطر لنشر الفنون خارج جدران المتاحف وفي إطار برنامج الفن العام.
ويستعرض العمل الفني «الرحلة المعجزة» أربعة عشر مجسمًا برونزيًا مجسدًا مراحل الحمل التي تبدأ بمرحلة تخصيب البويضة إلى أن تصبح في النهاية جنينًا كاملاً. كما يعرض العمل التنوع البيولوجي الذي يمكن أن يطرأ خلال الحمل مثل التوائم والولادة العرضية والولادة المقعدية إلى جانب التطور النموذجي للجنين.
يتراوح طول المجسمات بين 4.8 متر و10.7 متر؛ حيث سُكبت كل منها بشكل منفصل في أكثر من 500 قالب وإطار في مسبك بانجولين في المملكة المتحدة.
وقد استدعى حجم المجسمات صب خط من البرونز بطول 19 كيلو مترًا وصف بأضخم مشروع نفذته بانجولين حتى الآن.
يعرف هيرست بأنه من أكثر الفنانين تأثيرًا في العالم، وهو من خلال هذا العمل يحتفي بالحياة مع كل ما يصاحبها من صعوبات وتحديات تكمن في محاولة فهم وجودنا، كما يتناول مخاوفه الدائمة.
والمتأمل لأعمال الفنان هيرست يجد أنها تتسم بالجرأة والواقعية والتي يمكن في بعض الأحيان أن تكون مثيرة للجدل ولكن أيضًا من أراد أن يتعرف على ثقافات الشعوب ويطلع على مدارس فنية مختلفة فعليه أن ينظر إلى مثل هذه الأعمال من جميع الزوايا وسيجد أنها خطوة مهمة في نمو حوار الثقافات بين قطر ومختلف الحضارات وتسهم في تعزيز المشهد الفني داخل قطر ورفع الذائقة الفنية لدى كل من يشاهد هذه الأعمال خاصة أنها تتميز بالضخامة والوضوح لتكون علامة بارزة وإضافة مهمة أضافتها متاحف قطر للحركة الفنية القطرية ستساعد كثيرًا في تأكيد حضور قطر على خارطة الفن العالمي.

بقلم ريم العبيدلي تشكيلية قطرية
copy short url   نسخ
07/03/2019
5536