+ A
A -
قبل أيام كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الخلفيات الحقيقية لتدخلاته السافرة في شؤون فنزويلا لتغيير نظام الحكم فيها والإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو.. معلناً بوضوح أنه يسعى لإسقاط الأنظمة الاشتراكية في كل من فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا.. وطبعا نسي أن يذكر أيضا بوليفيا، معتقدا أن أيام الاشتراكية في هذه الدول باتت معدودة، وأن حكم الاشتراكيين أدى إلى نتائج كارثية ودمر اقتصاد البلاد، وأن الولايات المتحدة تسعى لتحقيق انتقال سلمي للسلطة في فنزويلا، داعياً الجيش الفنزويلي للتوقف عن دعم مادورو والاعتراف بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيساً للبلاد، وعدم عرقلة دخول المساعدات الأميركية من كولومبيا.. هذا الكلام لـ«ترامب» يؤكد الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: سقوط ادعاء واشنطن بأن تدخلها هو للدفاع عن حقوق الإنسان.. فقد تبين أن الهدف إنما هو للإطاحة بالنظام الاشتراكي في فنزويلا في سياق مخطط يستهدف إسقاط كل الأنظمة الاشتراكية في أميركا اللاتينية بغية إعادتها لتدور في فلك هيمنة الولايات المتحدة، واستطرادا تعويم مشروع الهيمنة الأميركي المتراجع والمترنح بعد فشل حروب أميركا المباشرة وغير المباشرة في منطقة الشرق الأوسط..
الحقيقة الثانية:انكشاف حقيقة عداء أميركا للأنظمة الاشتراكية في أميركا اللاتينية، لكون هذه الأنظمة باتت تشكل نموذجا تحرريا من خلال انتهاجها سياسات اقتصادية تنموية مستقلة تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوظف الثروات الوطنية في خدمة هذه السياسات التي نجحت في تحقيق إنجازات كبيرة في فنزويلا وقبل ذلك في كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا مما مكن هذه الدول من الصمود في مواجهة المؤامرات والضغوط والعقوبات الأميركية.. هذا النجاح في تحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية أثار قلق الولايات المتحدة من أن يزداد انتشارا في القارة الأميركية الجنوبية ويؤدي إلى تعزيز الأحزاب والحركات اليسارية وبالتالي سقوط المزيد من الأنظمة الرأسمالية التابعة لواشنطن...
الحقيقة الثالثة: إن ادعاء ترامب بأن الأنظمة الاشتراكية في فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا أدت إلى نتائج كارثية ودمرت الاقتصاد، وأن أيامها باتت معدودة، سرعان ما يتهاوى أمام حقائق أن هذه الأنظمة نجحت في تحقيق التنمية وانتشال الملايين من حالة الفقر وظروف الحياة البائسة التي كانت ترزح فيها في ظل الأنظمة الرأسمالية السابقة التابعة للولايات المتحدة.. فعلى سبيل المثال فإن الثورة البوليفارية في فنزويلا بقيادة الرئيس الراحل هوغو تشافيز تمكنت، بعد تأميم ثروات البلاد من نفط ومعادن، من بناء ملايين المساكن للفقراء، وتأمين التعليم والصحة لجميع المواطنين مجانا، وتنمية الريف ودعم الفلاحين.. أما كوبا فإنها باتت من أفضل دول العالم في تأمين الخدمات الصحية للشعب وتقوم بتقديم المساعدات في هذا المجال للعديد من الدول في أميركا اللاتينية ومنها فنزويلا..وإذا كانت هناك من مصاعب تواجه هذه الدول إنما هي ناتجة عن الحصار الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن في محاولة لخلق مشكلات اقتصادية وإثارة الاضطراب الاجتماعي وبالتالي العمل على الإطاحة بأنظمتها التي ترفض الهيمنة الأميركية..
الحقيقة الرابعة: انكشاف استخدام ترامب سلاح المساعدات الإنسانية وسيلة لتعزيز القوى الموالية لواشنطن في فنزويلا والتأثير على شعبية الرئيس مادورو.. وبالتالي استمالة قسم من الناس لمصلحة دعم القوى اليمينية للانقلاب على الرئيس مادورو...
الحقيقة الخامسة: سعي ترامب إلى كسب تأييد الجيش ضد الرئيس مادورو، لأنه من دون ذلك يصعب أن يقوم غوايدو بالانقلاب وتسلم السلطة..
غير أن هذه الخطة للإطاحة بالرئيس مادورو سرعان من واجهت المصاعب الكبيرة في القدرة على تحقيق أهدافها ويظهر ذلك من خلال التالي:
1- إقدام الرئيس مادورو على تعزيز وزيادة عديد القوات الشعبية المسلحة التي تسهم في مؤازرة الجيش في التصدي لأي غزو خارجي، من نحو 1.7000.000، إلى 2.000.000 وهذا إنجاز مهم جدا يعزز صمود فنزويلا ويمكنها من مواجهة أي غزو عسكري أميركي.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
23/02/2019
1805