+ A
A -
الرغبة في الانفتاح على الآخَر وتسجيل أكثر مِن مَكْسَبٍ ليس مِن الغريب أن تَقود إلى أكثر مِن استثمار أجنبي، وغير خافٍ ما سيكون لهذا الاستثمار مِن رَوافِد تُساعد على مدّ جُسور التواصل وتُشَجِّع على تثبيت سقف الاقتصاد..
غير أن ما يَغيب عن الحسبان أحيانا هو أن يَكون الاستثمار في حدّ ذاته برنامجا وخطة مُعَدَّة بإحكام للتقليل من سيادة الدول المستفيدة شكلا لا مضمونا..
إن ما يبدو لبعض الدُّول فرصة ذهبية لإثبات وجودها قد يُشَكِّل على العكس تماما خَطرا مُحَدِّقا، فإذا بورقة الاستثمار اللاعبة يُصيِّرُها العقلُ الْمُبَرْمِج أداةَ ضغطٍ بالقوة على الدول الحاضنة لمشاريع الاستثمار..
ولا غرابة أن يَتحول الاستثمار في البلدان المتخلِّفة إلى وسيلة ضغطٍ بالقوة للتدخل لاحقا في سياساتها الداخلية، فكأنَّ الأمر لا يَنْأَى عن شكلٍ مِن أشكال فرض الوصاية..
نتحدث طبعا عن الاستثمارات التي يَبدو لأول وهلة أنها تَقفز باقتصاد البلدان المستفيدة قفزة نوعية، على اعتبار أن أيّ تفكير في توقُّفها بشكل فجائي قد يَعود عليها بخسائر فادحة، ناهيك عن تَوَهُّمِها (في حالة تعليق المشاريع الضخمة) بأنها أضاعت فرصة ثمينة لِرَفْع صوتها، فما بالك بسُوء السُّمعة الذي سيُصبح عالقا بها على حدّ فهمِها..
الدول المراهِقة بهذا المنظور لن يَرتفع لها صوت حتى في حال تَنفيذ تلك المشاريع المكلِّفة، وكُلّ قانون سيُؤَسِّس المنظومة الاقتصادية لدولة كهذه لن يَخرج عَمَّا تُمْلِيه مسطرةُ الدول المستثمِرة (صاحبة العرض)..
وبهذا المعنى، فإن قَصْدِية الاستثمار الأجنبي ذاك في بلدان ضعيفة البنية الاقتصادية حدّ الهشاشة لَنْ تَختلف يقينا عن الاستعمار المعروف بشقَّيْه العسكري والفِكري (خُذْ مثلاً فكرة عن الإرهاب الفكري)..
إنه الاستثمار، أو لِنَقُلْ إنه الورقة الضاغطة بقوة لإلحاق خسائر فادحة بالدول اللاعبة لَعِباً هزيلا بعيدا عن مستوى الاحتراف الذي يُؤَهِّلُها للانتباه إلى الثغرات تلك التي لا تختلف عن الثغرات القانونية التي يَفطن إليها رَجُلُ القانون لإعطاء الحقّ لموكِّلِه الجاني وعدم إنصاف الضحية..
ونحن نتحدث عن الاستثمار، لا شكّ في أنَّنا سنَقِف عند مفهوم الدُّمَى المتحركة تِلْكَ التي يُنْتَظَر منها الانقياد والامتثال في ظِلّ سياسة الخيوط المحرِّكة، إنها الأيدي الخَفِية التي تَحترف اللَّعِبَ وتُدير معركةَ التخطيط إدارةً مُحْكَمة ومتمكِّنة لِشَلّ حركة الدول المستهدَفة..
وَلْنَتَصَوَّرْ عند هذا الحدّ مستوى التسيير غير الذاتي، إذ بعيدا عن ثقافةِ «لا»، سيُصْبِح الجوابُ البديل «لِمَ لا» مِن باب الإذعان لِلَيّ الذِّراع!
نافِذَةُ الرُّوح:
-«في مُدُن الحيرة تَكبر وحشةُ القلب الْمَنْفي ويَتمدد جنون الأشواق».
-«الأشواق الحالفة ألا تَنْتَصِرَ لغير صوتها تَكتب حكايةَ اغترابها على امتداد خريطة القلب».
-«القلبُ الذي لا تَعترف بوجوده رغم وجوده يَسْتَحِقُّ أن تَفْصِلَه عن أَضْلُعِكَ الراقصة رقصةَ الحنين».
-«الحنين إلى الطفولة دِينٌ لا تَكْفُر به الروحُ».
-«الروحُ الهائمة في سماوات التَّشَظِّي تَقولُ ما لا يَقولُه الجسدُ».
-«الجسدُ النَّدِيّ بمَطَر الأنوثة يُفَصِّلُ قطعةَ الشَّهد على مقاسِ الأَلْسِنَة الذَّوَّاقة والعيون العاشقة».
-«العيون العاشقة تَرى أَسْرَع مِن القلب الذي لا يَلِيقُ به أنْ نُكَذِّبَه».
بقلم: سعاد درير
copy short url   نسخ
14/02/2019
2781