+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 474م توفي الإمام الأوزاعي أفقه أهل الشام على مر العصور، أخذ العلم عن الإمام مالك، وسفيان الثوري، والحسن البصري، وأبي حنيفة، ومحمد بن سيرين، حتى قيل عنه: لقد اجتمع فيه ما تفرق فيهم!
شهد نهاية حكم الأمويين وبداية حكم العباسيين، وعاصر أحد عشر خليفة أولهم الوليد بن عبد الملك الأموي، وآخرهم أبو جعفر المنصور العباسي، وكان زاهداً في كل الخلفاء الذين عاصرهم!
رفضَ أن يُجرى عليه راتب شهري، ورفض أن يتولى القضاء رغم إصرار أكثر من خليفة عليه، وعندما أقسم عليه يزيد بن عبد الملك أن يقبل القضاء، تولاه يوماً واحداً، وجاء إليه في اليوم التالي وقال له: لقد أبررت بقسمك، ليس لي في هذا المنصب حاجة، اختر له غيري!
على رغم بعده عن قصور الخلفاء إلا أنه لم يكن بعيداً عن الحياة العامة، وعندما أراد أبو جعفر المنصور إجلاء كل المسيحيين من جبل لبنان لأن بعضهم ثار عليه، دخل عليه الإمام الأوزاعي وقال له: «ولا تزرُ وازرة وزر أخرى» وليس لك أن تأخذ الجميع بذنب البعض، وإياك أن تغضبَ لله بما يُغضبُ الله!
فتراجع المنصور عن قرار إجلائهم !
وفي زمن المنصور أيضاً، وقع بعض المسلمين أسرى عند جيش الروم، فعرض ملك الروم إطلاقهم مقابل فدية، فرفض المنصور واعتبر هذا ضعفاً! فدخل عليه الأوزاعي وقال له: لا يُترك مسلمٌ عند كافر ولو أدى ذلك لنفاد بيت المال كله!
فقبل المنصور أن يفديهم!
ما أحوجنا اليوم لعلماء من طينة الإمام الأوزاعي، لا يطرقون أبواب الأمراء إلا لإحقاق حق وإبطال باطل، وما أحوجنا إلى أمراء من طينة المنصور فعلى أخطائه كان وقافاً عند الحق، ولكن الحاكم لن يسمع من العالِم إلا إذا علم أنه ليس في قلبه شيء أكبر من الله!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
16/01/2019
2445