+ A
A -
تتزايد المؤشرات الإسرائيلية التي تتحدث عن حالة الاضطراب والتخبط والقلق التي تسيطر على جيش الاحتلال الإسرائيلي سواء على المستوى القيادي أو على مستوى الجنود الذين باتوا يفتقدون للروح القتالية ويعانون من حالة انهيار في المعنويات في أي مواجهة لهم مع المقاومة في قطاع غزة أو لبنان، بعد سلسلة الهزائم التي مني بهم جيشهم أمام المقاومين في جنوب لبنان عام 2006 وفي قطاع غزة أعوام 2009 و2012 و2014 و2018.
والتي أسفرت عن تكبد جنود العدو خسائر كبيرة بالأرواح بفعل المواجهات الشرسة والقاسية التي خاضوها مع رجال المقاومة الذين أثبتوا قدرة قتالية عالية في الميدان، وقد جاءت المواجهة الأخيرة في قطاع غزة في الشهر الأخير من العام 2018 وما أدت إليه من هزيمة للجيش الإسرائيلي ومن خسائر كبيرة في صفوف ضباطه وجنوده، جاءت لتكرس واقعا قاتما في أوساط المؤسسة العسكرية الإسرائيلية حول قدرة الجيش الإسرائيلي على خوض الحرب والانتصار فيها، حيث ازداد اليقين بعدم القدرة على تحقيق النصر إذا ما أقدم على خوض الحرب في غزة، فكيف والحال هذه سيكون وضعه إذا شن حربا ضد المقاومة في لبنان التي تملك قدرات وإمكانيات تفوق كثيرا ما تملكه المقاومة في غزة..
هذا الواقع الذي يسيطر على جيش الاحتلال أثار قلقا متزايدا في أوساط الدوائر الإسرائيلية على مستقبل الكيان الإسرائيلي وأعاد إلى السطح من جديد القلق على الوجود باعتبار جيش الاحتلال هو الأساس الذي استند إليه الكيان في وجوده واستمراره في الحياة، والتقدم والتوسع في المشروع الصهيوني في أرض فلسطين وبعض الأرض العربية، وعندما يصاب هذا الجيش بالوهن والضعف فإن المشروع الصهيوني برمته سيكون مهددا بالانهيار.. لذلك فإن صحيفة يديعوت أحرونوت تحدثت في مقال لها في 25-12-2018، ذي دلالة، عن الخطر الاستراتيجي الذي يهدد الكيان الإسرائيلي حيث قالت:«الخطر الاستراتيجي الأكثر إثارة للقلق هو تدني روح القتال والتطوّع في الجيش الإسرائيلي»، وأضافت «في هذه الجبهة يترك رئيس أركان الجيش غادي آيزنكوت لخلفه تركة إشكالية، حتى لو لم تقع مسؤوليتها كلها على عاتقه، وهي انخفاض الرغبة في الانضمام لألوية قتالية في الجيش في أوساط الشباب، والانخفاض الحاد في الرغبة لدى المجندين في الانضمام للجيش الثابت الذين يمارسون الجنسية كمهنة وحيدة لهم»..
إن الكيان الإسرائيلي ورغم التفوّق التسليحي والتكنولوجي، إلا أنّ جيشه بات يفتقر للروح القتالية التي تعدّ أحد أبرز الثغرات لديه.. وهو ما لفت إليه تقييم الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية للعام 2018 الذي أشار إلى تآكل الروح القتالية لدى الجنود الصهاينة الأمر الذي أثار حالة من القلق لدى قيادة الجيش التي لجأت إلى قرارات جديدة لتدبر النقص في الوحدات القتالية في ظل رغبة المجندين بالالتحاق بالوحدات التقنية والاستخباراتية بدلاً من الوحدات القتالية.
أوعزت قيادة الجيش السبب في تراجع الرغبة في الانضمام للوحدات القتالية إلى «طبيعة المجتمع الإسرائيلي التي تشكّلت في الأعوام الأخيرة، والتي تميل إلى التخطيط للتطلع إلى ما بعد الخدمة في الجيش، وكيف يمكن لفترة الخدمة في الجيش أن تشكل بالنسبة لهم رافعة نحو المجتمع والحياة الحقيقية، بحيث يكونون قادرين فيها على التقدم بالسلم الاجتماعي الاقتصادي»، إلا أن الكاتب في صحيفة «معاريف»ران أدلست تحدّث عن أسباب أخرى تتعلّق بعدم رغبة هؤلاء الجنود في اتساخ أيديهم وأرواحهم.. والحال هذه فإن دوائر القرار الأمني والعسكري في الكيان الإسرائيلي ترى أن هذا الواقع يثير القلق ويشكل تهديدا مستقبليا في ظل تنامي قوة قوى المقاومة وقدراتها الردعية وتآكل القدرات الردعية للجيش الإسرائيلي، وانتفاء الحوافز لدى الضباط والجنود الإسرائيليين على خوض الحرب التي لم تعد نزهة وباتت خطرا على حياتهم.. وهذا يكشف حقيقة أن هؤلاء الضباط والجنود الصهاينة ليس لديهم الاستعداد للتضحية بأنفسهم لأنهم لا يملكون القضية العادلة والإيمان بما يقدمون عليه، على عكس المقاومين في لبنان وفلسطين الذين يقبلون على القتال بروح الاستعداد للشهادة.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
05/01/2019
2095