+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 1960م توفي ألبير كامو، وإن كان يمكن تلخيص فلسفة كامو ومعتقداته بكلمة واحدة فستكون: «العبثية»!
كان ألبير كامو يؤمن أن محاولات الإنسان لفهم معنى الوجود دائماً ما تنتهي بالفشل، فالوجود عنده- كما هي الحال عند أتباع الفلسفة العبثية- شيء غامض يستحيل إدراك الغاية منه، ولشرح وجهة نظره هذه ألَّف كتابه «أسطورة سيزيف»، وسيزيف هو فتى إغريقي حكمته الآلهة بالصعود إلى الجبل ليحرس صخرة، لا أحد يعرف ما الحكمة في أن يحرس الفتى صخرة في جبل! ولكن الفتى عندما وصل إلى الصخرة المنشودة تدحرجت إلى بطن الوادي، وكان على الفتى أن يعيدها إلى مكانها، وبعد جهد جهيد نجح في ذلك، ولكن الصخرة تدحرجتْ مجدداً، فأخذ يعيد الكرَّة وهكذا إلى الأبد !
هذه هي الحياة من وجهة نظر ألبير كامو، شقاء أبدي غير مبرر، لهذا كان يقول: أنا لا أبغض العالم الذي أعيش فيه ولكني متضامن مع كل الذين يتعذبون فيه !
هناك حقيقة مُرة لا بد من قولها، وهي أن الفلسفة العبثية تقود غالباً إلى الإلحاد، وإلى الإلحاد وصل ألبير كامو! فقد كان يقول: الإيمان بالله ليس شيئاً عبثياً ولكنه انتحار فكري !
فاز ألبير كامو بجائزة نوبل للأدب عام 1957م، وكان ينظر بعين الإجلال إلى الأدب الروائي أكثر من غيره من الأنواع الأدبية، وكان يقول: ليست الرواية سوى فلسفة تم تصويرها!
وإن كان من رواية تشرح فلسفة كامو غير أسطورة سيزيف فهي روايته «الغريب» ! لقد اختار شخصية الرواية الرئيسة شاباً اسمه «مارسو»، كان مارسو بارداً جداً، منزوع العواطف لا شيء يهزه أو يحرك مشاعره، فكل ما يحدث حوله مجرد عبث، يحدث هكذا بلا غاية ولا سبب ولكنه يحدث، لهذا حتى عندما وصل إلى مارسو خبر وفاة أمه لم يذرف دمعة واحدة ولم يحزن، وإنما قال: ربما كانت ميتة من قبل وهي على قيد الحياة، كلنا أخيراً سنموت جميعاً لسبب لا يعرفه أحد !
كان ألبير كامو معجباً بنيتشه، وفلسفته القائمة على القوة، وكان يرى أن الضعيف لا يحترمه أحد ولو كان على صواب، وأن الآراء التي لا تملك بندقية يزدريها الناس ويحتقرونها، لهذا كان يقول: كي تصنع ثقافة لا يكفي أن تضرب على أطراف الأصابع بالمسطرة!حدث في مثل هذا اليوم
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
04/01/2019
2918