+ A
A -
يقولون إن الحياة مدرسة، وفصولها تجارب، وأبجدياتها معرفة، ومحصلتها ذكريات، ومن أحلى الذكريات التي في الذاكرة، ذكرى ذلك اليوم الذي زارني فيه أفراد إحدى الأسر التركية، فدعوتهم إلى مطعم تهفو إليه نفسي عادة، فخم، متأنق، راقٍ، مزخرف برسوم وأشكال بانورامية، والجلوس فيه لا يمل، ستايل المطعم لا يتغير، ولا يتبدل، تروح وترجع إليه، خدماته ممتازة، والمطعم له زبائنه وعملاؤه وناسه، وجباته تفتح الشهية، وكبابه ينعش البرية، «وروبه» المميز، تزداد عليه الطلبات، وشوربة «الآش» من ألذ الشوربات لم أر مثلها في غيره، بعد كل هذا أريد أن أقول حتى لا- أستطرد أكثر- وأتيه عن الموضوع، الشاهد ذهبت مع الأسرة التركية المكونة من عدنان رسلان بيك «عافاه الله وشافاه»، وحرمه وأولاده، إلى هذا المطعم، وبعد أن أكلنا «الأخضر واليابس» وذقنا الآيس كريم «البستني» والفالوذج «والفالودة» الباردة، طلبنا السويت العجيب «والشاي المخدر» المرتب ذات الطعم العجيب، حينها وعندها تذكرت الأغنية العراقية ذائعة الصيت «خدري الجاي خدري» لا يوجد تركي إلا ويشرب الشاي، ولكن هناك من لا يشرب «الكرك» أو اللاتيه أو الكابتشينو. الشاي عندهم في جميع الأوقات واللحظات والأيام، ويشربون الشاي أكثر من مرة في اليوم، بل كل لحظة، والشاي يجمعهم ولا يفرقهم، ويسري في عروقهم جميعاً، ويمنحهم النشوة والصحوة، فيساهم في إبداعاتهم وطيبة أحاديثهم، وأنسهم، الشاي علاج ترويحي نفسي للأفكار السلبية، لأنه يخرجها من أعماقنا وينثرها في الهواء، بعيداً عنا. ونصبح بعدها طيبين منتعشين، فعندما تتمازج أفكارنا ومشاعرنا وأحاسيسنا في جلسة شاي مع أحباب أعزاء، مع عدنان بيك «عافاه الله وشافاه» وحرمه وأولاده، فإن «كدر» العيش ينجلي ويحل محله الابتسام والانشراح وتجدنا نشرب الشاي المخدر المعطر بنعناع المودة، وهيل الألفة، والتسامح والتفاؤل والرغبة في رؤية التوافق الدائم، الشاهد، مع الأحباب نتمتع ونتلذذ. «مع استكانة الشاي المخدّر» إن مطعمي المفضل، يزيد لحظاتنا سكراً بطعم اللذة، ويحلي أيامنا بملعقة من سكر الأمل والتفاؤل، مع إخوة في الإنسانية طيبين خيرين، وبنحبهم. وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم: يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
24/12/2018
2867