+ A
A -
في فلسطين تلتقي الأضداد، في هذا البيت حفل زفاف، وذاك البيت عرس شهيد، وفي البيت الثالث عزاء فقيدة أو فقيد، وفي هذا البيت حفل استقبال أسير وفي ذاك البيت مأتم وداع أسير، في هذه القرية القوات الصهيونية تهدم بيت مناضل، وفي القرية المجاورة تتعاضد السواعد العاشقة للوطن في بناء بيت جديد، هذا شعب.. هذه حكايته اليومية، شعب لا يموت، وان كانت المؤامرة الأولى في إصدار وعد بلفور، قد حيكت في ليل في زمن تغييب امة، لن تمر مؤامرة في زمن يقوده شعب يعرف عدوه من صديقه، لقد مضى الزمن الذي كان فيه حاكم شخبوطستيان يعطي باسم الامة ارض الامة ويوقع عنهم مع الخواجستان، اتفاقيات جزّأت الاوطان وفرقت القبائل وتحكم فيها الغربان. أمس وصلت عمان، ومن كان في استقبالي قال لي: اليوم في رابطة العائلة مناسبتان، الأولى حفل عرس شهيد والثانية عزاء زوجة رجل رشيد، فكان المعزون يقدمون التهاني بالفقيد ويقدمون حسن العزاء للرشيد. والشهيد هو صالح بن عمر بن صالح البرغوثي، الذي نفذ عملية بطولية أربكت حسابات الجيش الذي لا يقهر، وحطم معنويات المؤسسة الصهيونية التي أبهرت ولم تبهر، وحين احكموا عليه لم يستسلم فقاوم فاستشهد، فقال والده الأسير والمعتقل في رده على سؤال حول استشهاد ابنه «لهذا اليوم أنجبته، ليكون واحدا من عشرات الشهداء الذين حملوا ارواحهم على اكفهم وهم يواجهون هذا الصهيوني الذي دأب على الارهاب، ولا تثنيهم عن مواصلة قتلنا الا القوة». الصحف العبرية التي عددت شهداء آل البرغوثي والاسرى منهم وعلى رأسهم البطل مروان البرغوثي المحكوم بأربعة مؤبدات والبطل عبد الله البرغوثي والمحكوم 1667 سنة وبلال البرغوثي والشهداء لؤي وعلي ورائد وعدلي وغيرهم العشرات التي جعلت إمام مسجد في الكويت يقدم مسلسلا عن شهداء آل البرغوثي منذ النكبة إلى النكسة إلى الاغوار فجنوب لبنان فالانتفاضة الأولى فالثانية إلى حمل لواء إسقاط صفقة القرن، الصحف العبرية وصفت هذا العمل البطولي بانه إرهاب، مع ان جيشها يمارس الارهاب كل يوم والمقاومة ستتواصل ما دام هناك جندي وهناك وطن محتل وسنواصل الفرح وسنتقبل هدم بيوتنا وحرماننا من ابسط حقوقنا وهي العيش بحرية.. وعرس الشهيد يتواصل، والفرح بإعادة بيت مهدوم سيتواصل، ولن تتوقف الشهادة، ففي عائلة نائل وعمر آلاف الشباب الذين يستعدون للموت فداء للوطن الذي سيرجع يوما كما اخبرني العندليب. كلمة مباحة نعيب زماننا والعيب فينا.. ومال زماننا عيب سوانا ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب... ولو نطق الزمان لهجانا وليس الذئب يأكل لحم بعض... ويأكل بعضنا بعضا عيانا
بقلم: سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
17/12/2018
2308