+ A
A -
يعاني العراق من مرضين خطيرين: الطائفية والفساد.
تقدر الخسائر الناجمة عن الفساد في السنوات العشر الأخيرة بحوالي «250» مليار دولار، وهو مبلغ يفوق حجم الصندوق السيادي لدبي، كان يمكن استثماره في مجالات شتى لفائدة الشعب العراقي، والطامة الكبرى تكمن في أن مبلغ الـ «250» مليار دولار مرشح للتفاقم أكثر مع استمرار الفساد، وعجز العدالة أمام الفاسدين المتمترسين بالتركيبة الطائفية للنظام.
وسط هذه الأوضاع وجد تنظيم «داعش» منفذا مهما مكنه من إقامة «دولته»، ووجد النظام «شماعة» ملائمة يعلق عليها أخطاءه، ماسمح باستمرار عمليات الفساد، وتنامي الكراهية الطائفية، حيث باتت الأرض خصبة تماما لتصفية الحسابات.
لقد سمعنا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يصدر أوامره، منذ أيام، بملاحقة مقاتلين موالين للحكومة متهمين بارتكاب انتهاكات، بينها القتل بحق مدنيين، خلال مشاركتهم في الحملة العسكرية لاستعادة الفلوجة، في إشارة ضمنية لـ «الحشد الشعبي».
الميليشيات العراقية أقوى من الحكومة، وقادتها فوق المساءلة والمحاسبة، والمرجح أن تتفاقم «الانتهاكات» وعمليات القتل مع كل تقدم في المناطق التي يسيطر عليها «داعش»، وهزيمة هذا التنظيم الإرهابي، لاتعني أن الأمور ستكون على مايرام، وأن مشكلات العراق تتجه نحو الزوال، وربما لن يكون من قبيل المبالغة القول إن بقاء «داعش» ضعيفة سوف يخدم أهدافا عدة، لثنائية الطائفية والفساد.
وسط هذه الأوضاع تتنامى الدعوات لقيام منطقة حكم ذاتي للسنة في العراق على غرار منطقة الحكم الذاتي الخاصة بالأكراد، والمتأمل في المشهد الراهن، وماقاله السيد العبادي منذ أيام حول عمليات قتل للمدنيين في منطقة الفلوجة، يؤكد أن تلك الدعوات لها مايبررها، طالما عجز العراقيون عن التعايش معا، وطالما كانت الحكومة غير قادرة على حماية شعبها.

بقلم : حسان يونس
copy short url   نسخ
09/06/2016
1793