+ A
A -
يواجه الأردن بجسارة محاولات الإرهابيين المتكررة لزعزعة الثقة بتفوقه الأمني وسط إقليم يعج بالفوضى والحروب الدامية.
أخر المحاولات كانت منذ أيام قليلة؛شاب صغير السن غررت به الجماعات الإرهابية،هاجم مجموعة عسكرية تحرس مكتبا للمخابرات العامة قرب مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين، شمالي العاصمة عمان، فقتل خمسة منهم.
قبل أن يمضي اليوم، كان منذ الهجوم في قبضة رجال الأمن.
كان هدف الهجوم الإرهابي الصريح، إثارة الفتنة في صفوف الأردنيين،لكن المحاولة باءت بالفشل،عندما وقف الجميع صفا واحدا ضد العمل الإرهابي، حتى أقرب المقربين من عائلة المجرم.
العملية الإرهابية كانت رد فعل يأس على الوحدة الوطنية التي تجلت بأبهى صورها بعد إحباط عملية إرهابية كبرى في محافظة أربد، واستشهاد أحد ضباط الأمن حينها،بعد القضاء التام على عناصر الخلية الإرهابية وعددهم سبعة.
النشاط الإرهابي في الأردن ليس بنفس الوتيرة التي تشهدها تركيا. فمن بين 17 محاولة لتنفيذ عمليات إرهابية في الأردن خلال عامي 2015 و2016 لم تنجح سوى عمليتين فقط؛الأولى مطلع هذا العام، حين تمكن أحدهم من قتل ثلاثة مدربين أجانب بمركز تدريب شرطي.والثانية مطلع هذا لأسبوع وسقط فيها خمسة شهداء من أفراد الأمن.
لكن في الحالتين يدفع الأردن وتركيا ثمنا لصراعات لا شأن للبلدين فيها.انفلات الأزمة في سورية،وخروجها عن نطاق السيطرة،وعجز المجتمع الدولي عن وضع حد لمأساة الشعب السوري، فجر بركان الإرهاب في المنطقة، ففاضت حممه لدول الجوار.
تركيا تواجه خطرا مزدوجا يتمثل في الجماعات الكردية المسلحة من جهة، وتنظيم»داعش» الذي يتخذ من الحدود التركية السورية ميدانا لنشاطاته الإرهابية، ويحاول بشتى الطرق الضغط على تركيا لمساعدته،وهو مارفضته القيادة التركية بشدة،وشنت حملات اعتقالات واسعة طالت المئات من المتعاطفين مع التنظيم،ووجهت ضربات قاصمة لقواعده قرب حدودها.
الأردن لم ينتظر تمركز عناصر التنظيم قرب حدوده أو التسلل إلى أراضيه،وتبنى في وقت مبكر استراتيجية استباقية تقوم على ضبط الحدود،ومنع تسلل الإرهابيين،ودفعهم بعيدا عن حدوده.
لكن لم يكن بمقدوره أن يمنع انتشار الفكر المتطرف في صفوف الشبان الغاضبين من هول المجازر في سورية، الأمر الذي فرض عليه خوض معركة داخلية مع نشطاء التيار المتشدد، خاصة مع التحاق أكثر من ألفي أردني في صفوفه.
حتى سنوات قليلة ماضية، لم يكن في حسبان هذه الدول أن توجه مثل هذا الخطر. ورغم وجود تنظيم القاعدة منذ زمن،إلا ان السلطات الأمنية كانت قادرة دائما على احتواء عناصره، كي لايتحولوا إلى تهديد جدي للأمن الوطني.
لكن بعد التطورات الأخيرة في سورية، بدا أن قدرات الأجهزة الأمنية في كافة دول المنطقة عاجزة عن الإحاطة بحجم المخاطر المتنامية. وظاهرة»الذئاب المنفردة» ما هي إلا دليل على ولادة صنف جديد من الإرهابين ممن لم يكن لهم سوابق،ولا تربطهم علاقة تنظيمية مع الجماعات الإرهابية المعروفة.
مجرد اشخاص عاديين يعيشيون بيينا بشكل طبيعي، يتحولون على نحو مفاجئ إلى ذئاب تقتل بشراسة.
الظاهرة برمتها هي الوليد الشرعي لمشهد الدم الذي يعم المنطقة، وقسوة الظلم، وفداحة الخسائر التي يدفعها ملايين البشر على يد أنظمة طاغية وطائفية.
إذا ما استمر الحال على ماهو عليه،فإن ظاهرة الذئاب لن تبقى منفردة. حدة الصراع ودمويته تحول البشر إلى وحوش.

بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
09/06/2016
2734