+ A
A -


وجاءت المفاجأة الأخرى التي كان لها تأثير كبير على معنويات جيش العدو عندما بثت المقاومة الفيديو المصور لعملية كمين العلم الفلسطيني المفخخ الذي نجح أحد المقاومين في زرعه على السياج الشائك والمكهرب حول القطاع.. والذي انتزعه وأخذه أحد الجنود الصهاينة إلى وسط الموقع الذي يتواجد فيه مجموعة من الجنود لينفجر فيهم ويحولهم إلى قتلى.. فهذا الفيديو المصور للعملية النوعية كشف عن تطور أساليب المقاومة من ناحية ونجاحها في استخدام وسيلة الإعلام للكشف عن العملية والخسائر التي وقعت في صفوف العدو والذي تكتم عليها من ناحية ثانية، وأدت إلى رفع معنويات الجماهير العربية في فلسطين المحتلة وخارجها من ناحية ثالثة.. وهو ما حصل بالفعل إثر بث الفيديو الذي تناقلته وسائل الإعلام على اختلافها وبات يتصدر وسائل التواصل الاجتماعي.
أمام هذه التطورات النوعية، التي أماطت اللثام عن مدى التطور في قدرات المقاومة وأدائها في ميدان القتال وجاهزيتها، اجتمعت حكومة العدو المصغرة لساعات طويلة لدراسة الموقف واتخاذ القرار على ضوء الخسائر الجسيمة التي وقعت في صفوف جيش الاحتلال والمستوطنين خلال بضعة أيام.. وفي خلاصة النقاشات الحامية اتخذ قرار الموافقة على قبول العودة إلى وقف النار في إطار اتفاق التهدئة مقابل التهدئة بوساطة مصرية، غير أن هذا القرار الصهيوني الذي عكس مأزق جيش الاحتلال أنه ذهب إلى عملية واسعة في غزة، حيث يتوقع أن تكون نتائجها أكثر سلبية عليه من عدوان 2014، وقد تكون مشابهة لما تعرض له جيش الاحتلال خلال حرب 2006، بفعل القدرات النوعية التي باتت تحوز عليها المقاومة الفلسطينية.. أدى هذا القرار إلى تفجر أزمة عنيفة داخل الحكومة الصهيونية وبين الأحزاب السياسية الإسرائيلية وفي وسط المستوطنين، تمثلت باستقالة وزير الحرب أفيغدور ليبرمان احتجاجاً على قرار الموافقة على وقف النار الذي اعتبره «استسلاماً إسراىيلياً»، في حين قالت زعيمة المعارضة تسيبي ليفني: «وقف إطلاق النار في غزة فشل أمني هائل ومس خطير بقدرة الردع..
إن نجاح المقاومة في تحقيق هذا الانتصار في هذه الجولة من المواجهة أطاح بصفقة القرن وإعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث وتبديد مناخات الاستسلام والإحباط التي سادت الشارع العربي على إثر تفجر أحداث ما سمي الربيع العربي، ورد الاعتبار لخيار المقاومة المسلحة وقدرته على ردع العدوانية الصهيونية وتحقيق الانتصارات على أرض فلسطين وصولاً إلى تحريرها واسترداد الحقوق المغتصبة..
انطلاقاً مما تقدم يمكن القول الصراع مع الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين دخل مرحلة جديدة بعد هذه الجولة من المواجهة والنتائج التي أسفرت عنها في مصلحة المقاومة، تجعل كيان العدو لأول أمام أزمة غير مسبوقة نابعة من كون المقاومة التي نجحت في كسر قوته الردعية وتكريس قواعد اشتباك جديدة إنما هي مقاومة موجودة على أرض فلسطينية تحررت بفعل الانتفاضة والمقاومة ونجحت في مواجهة الحصار الذي فرض عليها منذ عام 2005 وبناء قوتها الذاتية وتطوير قدراتها حتى أصبحت قادرة على ردع العدو وإدخاله في مأزق تكتيكي وإستراتيجي غير قادر على الخروج سوى بالتراجع، لأن خيار العدوان سيزيد من مأزقه في حين أن مسيرات العودة الكبرى المتواصلة تجبره على فك الحصار من دون شروط.
بقلم : حسين عطوي
copy short url   نسخ
18/11/2018
2198