+ A
A -

قرأتُ البارحة خبراً طريفاً حول وظيفةٍ طريفة، يقول الخبر:
تستطيعُ استئجار إنسانٍ يرافقك ويسليك أو يساعدك في السياحة أو مرافقتك لمطعم أو مركز تجاري، هذه الخدمة مشترك فيها ستمائة ألف شخص حول العالم، وسعر استئجار الإنسان الواحد خلال الساعة يتراوح بين عشرة دولارات وخمسين دولاراً حسب الخدمة التي تريد!
هذه الدنيا لا تكف عن مفاجأتي بوظائفها الحلوة، حدثتكم منذ فترة عن «دانيال فون» الذي يعمل ناقداً للمشاوي وكل عمله عبارة عن الذهاب إلى مطعم وتناول وجبة مجانية ثم كتابة مقال عنها! وعن «روزين ماديكان» التي تعمل ناقدة للأسِرَّة الفاخرة وكل عملها أن تتمدد لساعات في السرير الفاخر ثم تزود الشركة بملاحظاتها! وعن «هاري ويشلر» الذي يعمل متذوقاً للحلويات وكل عمله أن يتناول الكب كيك كان الله في عونه ثم يعطي توجيهات لتحسين الأشياء! وعن «جينارو بيليشيا» الذي يعمل متذوقاً للقهوة ويتقاضى راتباً لا يتقاضاه جنرال في الجيش!
المهم أن كل هذه الوظائف الجميلة فاتتني، ولكني عازم على أن لا أدع هذه الوظيفة الجديدة تفلت مني! حيث أنوي - وفقني الله - بالتسجيل في الموقع لأكون مرافقاً لمن يشعر بالملل فكان الله في عوني إذا استطعتُ الحصول على هذه الوظيفة الشاقة، حيث سيتصل بي شخص ما، ويقول لي أنا بصدد الذهاب إلى باريس لعدة أيام وباريس مدينة موحشة لا بد من شخص يرافقني إلى المطاعم الفاخرة، وتناول البوظة الشهية، ومشاهدة برج إي?يل!
طبعاً لن أبدو متلهفاً وأقبل مباشرة، سأقول له: يا الله، باريس مرة أخرى! ثم بعد أن أقنعه أني أعرف باريس كما أعرف القطط في حارتنا، وأحفظ سكانها كما أحفظ صوت جارتنا التي تصرخ على أولادها وهي تشرح لهم مسائل القسمة، سأبدأ بالتنازل شيئاً فشيئاً لوجه الله ولإسعاد هذا السائح المسكين، وأني لن أكسر خاطره! طبعاً أنتم لا تنتظرون مني أن أقول له فوراً: يا الله! باريس مرة واحدة، أنا جاهز ومستعد أن أذهب الآن دون حقيبة حتى!
لا يجب على الإنسان أن يبدو متلهفاً حتى وإن كان فعلاً متلهفاً، تماماً كما تفعل الفتاة التي تصلي ليل نهار لأجل أن يرزقها الله عريساً، ثم عندما يأتي العريس تطلب من أبيها أن تفكر قليلاً وتصلي ركعتي استخارة!
سأبقى محافظاً على رباطة جأشي، موقف واحد سأبدو فيه متلهفاً دون تحفظ وهو أن يتصل بي رجل عجوز مقعد يريد من يجره وهو يؤدي عمرته، إن طوافاً واحداً بالكعبة يساوي ألف باريس!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
11/11/2018
3448