+ A
A -
مما لا شك فـيه، أن الإسراف مرتبطٌ بمختلف جوانب الحياة، المادية منها والمعـنوية، وله صور عـديدة، وأشكال مُختلفة.. الأمـر الذي يترتب عـلـيه الكثير من المفاسد الدينية والدنيوية التي تدمر المجتمعات وتقضي عـلى الأخلاق وتعـبث بالاقـتصاد، وتؤدي إلى الكثير من المضار والآثار السيئة التي يأتي من أعـظمها أن الله تعالى لا يُحب المسرفـين وأن الإسراف سلوك خاطئ.
أما صور الإسراف فكـثيرة جـدا، إذ أن منها ما يكون عـلى مستوى الفـرد، ومنها ما يكون عـلى مستوى المجتمع، فهـناك من يسرف في استخـدام الماء واستعـماله، لاسيما الماء الصالح للشرب، فـيهدره في ري المزروعات وغـسل السيارات وغـير ذلك، أو يبالغ في استخدامه منزليا سواء كان ذلك في المطابخ أو الاستحمام ونحو ذلك، ناسيا أو متناسيا أن الإسراف تصرف غـير سـوي.
ولأن العـرب بشكل عام وأهـل الخليج والجزيرة العـربية بشكل خاص اشتهروا بإكرام الضيف، لذا نجدهم يسرفـون في إكـرام ضيوفهم، إلا أن كرمهم الحاتمي يزداد أضعافا مضاعـفة مع ضيف آخر يزورهم مرة في العام مختلف تماما ًعـن بقـية الضيوف، لأن له مكانة خاصة في نفوسهم، إنه شهـر رمضان المبارك، المبارك عـلى الـنفوس المؤمنة، لـذا نجـد البعـض يسرف في تناول ما لذ وطاب له من أصناف الأطعمة الشهـية، وألوان المشروبات المختلفة، دون مراعاة لما ينتج عـن ذلك من مخالفة لتعاليم الدين وتوجيهاته التي قال فـيها عـز وجل: «وَكلوا وَاشربوا وَلا تسرِفُوا إِنه لا يحِب المسرِفِين» سورة الأعـراف: من الآية 31. إضافةً إلى ما في ذلك من إضاعةٍ للمال في غـير وجه حق وإضرارٍ بالصحة التي تختل وتضطرب جراء ذلك الإسراف.. وهكذا.. تتعـدد صور الإسراف وأشكاله وأنماطه التي عـلينا جميعا الحذر منها والحرص عـلى اجتنابها وعـدم الوقـوع فـيها لما يترتب عـليها من نتائج مؤسفةٍ ومضار عـظيمة.
لقد رزقـنا الله من الطيبات، وأمرنا بالاعـتدال في المأكل والمشرب والإنفاق، إلا أنه وللأسف يغـيب عـن بال البعـض ضرورة ترشيد الإنفاق، وعـدم التبذير فـيما حباهم الله من أموال ورزق، إذ يظنون أن المال مالهم، ولا ينتبهون إلى أننا سنحاسب يوم القـيامة، فـشأن المؤمنين هو التوسط والاعـتدال، فخير الأمور أوسطها، وهـذه أمة وسط، وسط في كلِّ شيء، أمرها معـتدل، لا تميل إلى يمين ولا إلى يسار، وإنما صراطها مستقـيم، هـو أقـرب موصل إلى الهدف، هـذه الأمة أمة الاعـتدال، ولذلك وصف الله عـباد الرحمن بقوله: «وَالَذِين إِذَا أَنفَقُوا لم يُسرِفُـوا ولم يقْـتروا وكان بَين ذَلِكَ قَوَاما» الفرقان:67 لا تقـتير ولا إسراف، ويقول عـز وجل: «وَلَا تَجعل يدك مغلولَةً إِلَى عـنقِـك ولا تبسطها كل البسطِ فَـتَقعـد مَلوما محسورا» الإسراء: 29.
بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
08/06/2016
1709