+ A
A -
التغيير سنة من سنن الحياة، كما أنه تعبير عن الحركة الدائمة للوصول إلى الأهداف الرئيسية وتحقيقها، هكذا نقرأ جملة الأوامر والقرارات والقوانين التي أصدرها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، بالأمس، وأبرزها الأمر الأميري رقم «7» لسنة 2018 بتعديل تشكيل مجلس الوزراء.
الذين غادروا مناصبهم لهم منا جميعا التقدير والاحترام على ما بذلوه من جهود، وقد عبر عن ذلك معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء، على حسابه في «تويتر»، حيث وجه لهم الشكر على ما بذلوه خلال الفترة الماضية، في خدمة الوطن، كما تمنى التوفيق والنجاح للوزراء الجدد في مهامهم لتنفيذ توجيهات ورؤى صاحب السمو الأمير المفدى، على طريق تحقيق طموحات الشعب القطري في الازدهار والتقدم.
أبرز ملامح الأوامر والقرارات والقوانين الأميرية الصادرة أمس، تؤكد على نقطة جوهرية في غاية الأهمية، تتمثل في ضرورة إحداث نقلة نوعية شاملة في العمل الحكومي، بما يتناسب مع المرحلة المقبلة التي تحمل في طياتها الكثير من الخطط والرؤى والعمل، إذ لم يقتصر الأمر على تعديل تشكيل مجلس الوزراء، وإنما بجملة أوامر وقوانين وقرارات أميرية، كان أبرزها إنشاء جهاز التخطيط والإحصاء، والمجلس الوطني للسياحة، وقانون تنظيم السياحة، والقرار الأميري المتعلق بتعيين اختصاصات الوزارات، والقانون الخاص بتنظيم فعاليات الأعمال، بالإضافة إلى إعادة تشكيل مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، وإعادة تشكيل مجلس إدارة قطر للبترول، وتعيين مجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية، وتنظيم المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء، والأمرين الأميريين المتعلقين بتعيين سعادة الدكتور حسن بن لحدان الحسن المهندي رئيسا لمحكمة التمييز، وبذلك يكون رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء، بموجب أحكام قانون السلطة القضائية، وتعيين سعادة السيد مسعود بن محمد العامري مستشارا بمكتب سمو نائب الأمير.
كل ذلك ينبئ بأننا أمام مرحلة جديدة تستدعي العمل الجاد والدؤوب من أجل مواصلة النهوض بالأداء الحكومي، وتحقيق المزيد من المنجزات والمكتسبات، والمتأمل في أسماء الوزراء والمسؤولين الجدد سوف يجد أنهم من الكفاءات الوطنية المشهود لها بالإخلاص والاجتهاد والتفاني، وكان واضحا أن المعايير التي تم الاستناد إليها في اختيار المسؤولين الجدد تقوم على إسهاماتهم وقدراتهم وكذلك الرغبة في الاعتماد على أجيال شابة قادرة على إدارة مؤسسات ناجحة تتسم بالتميز والمرونة والحيوية، وهي سياسة دأبت قيادتنا الرشيدة على العمل بها عبر تمكين المواطن، وقبل ذلك توفير سبل الإعداد الكامل والشامل، تعليما وتدريبا عبر التخصصات التي تناسب إمكاناتهم وقدراتهم، لقيادة المؤسسات والأجهزة الوطنية بكل اقتدار.
إن ذلك لا يعني، بحال من الأحوال، أن الذين ترجلوا، لم يكونوا على قدر المسؤولية، فقد أدوا واجباتهم وقاموا بالأدوار المنوطة بهم على أحسن وجه، والتغييرات الجديدة هدفها دفع الأداء الحكومي عبر رفد وزاراتنا ومؤسساتنا بدماء جديدة لتحقيق الأهداف المنشودة، وبهذا المعنى فإن هذه التغييرات هي استمرار للنجاحات التي تحققت، والخبرات التي أسهمت في تحقيق تلك النجاحات.
الأوامر والقرارات والقوانين التي أصدرها صاحب السمو بالأمس، لا يمكن التركيز فيها على تعديل تشكيل مجلس الوزراء فقط، إذ اشتملت على جملة من التغييرات الهامة للغاية، سواء ما يتعلق منها بإعادة تشكيل مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار، أو إنشاء المجلس الوطني للسياحة، أو تعيين اختصاصات الوزارات وتنظيم فعاليات الأعمال، لتكون الخلاصة دفعة قوية للعمل الحكومي، عنوانها التطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا، من أجل وطننا الحبيب ومواطنينا الأعزاء.
عند الحديث عن هذه التغييرات، فإنه من المهم بمكان التأكيد على أنها تأتي من قائد شاب كرس وقته وجهده لمواصلة التنمية والنهضة ونقل البلاد إلى مزيد من التطور والتألق على مختلف الأصعدة، وفي مختلف المجالات، وذلك عبر تذليل أي عقبات يمكن أن تحد من الطموحات الكبيرة لبناء قطر المستقبل، وفق أسس حديثة لتكون دولة مؤسسات بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، كما أنه لابد من التنويه، عند الحديث عن هذه التغييرات، عن جهود معالي رئيس مجلس الوزراء، الذي يكرس كل وقته من أجل السهر على تنفيذ رؤية صاحب السمو، ومن أجل تطوير الأداء الحكومي لتلبية أعلى المعايير العالمية، وهي جهود نلمسها جميعا ونذكرها بكثير من التقدير والامتنان.
نحن إذا أمام تغييرات جوهرية مهمة، هدفها دفع العمل الحكومي قدما إلى الأمام، وتمكين أصحاب الخبرة والكفاءة من تبوؤ المراكز والمناصب التي في مقدورهم إحداث نقلة نوعية في أدائها، خاصة في ظل ظروف الحصار الجائر الذي تواجهه قطر، والملاحظة المهمة في هذه التغييرات هي أن المناصب الحكومية الهامة في قطر تكليف لا تشريف، وأن الذين يتبؤون هذه المناصب مسؤولون أمام الله تعالى وأمام قيادة قدمت لهم كل ما يحتاجونه من أجل النهوض بمسؤولياتهم، وأمام شعب يستحق منهم العمل الجاد والدؤوب لخدمة مصالحه وتطلعاته.
كما أنه مطلوب منهم الاستماع إلى جميع وجهات النظر وفتح قنوات التواصل مع الجمهور وتقبّل الانتقادات والنظر في الاقتراحات حتى يكون العمل جماعيا ويمر بمراحل نقاشية ومواجهات نظرية.
ونقول أيضاً كان الله في عونهم لتأدية أمانة العمل، وخدمة الوطن على أحسن وجه ممكن، ونقول للذين ترجلوا: شكرا لكم ولكل ما قدمتموه، والشكر والتقدير والعرفان أولا لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أميرنا وقائد مسيرتنا، الذي لا يبخل بالغالي والنفيس من أجل رفعة وطننا، والشكر أيضا لمعالي رئيس مجلس الوزراء، فهو القدوة والمثال في البذل والعطاء.
آخر نقطة..
قال تعالى:
«وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ?وَسَتُرَدُّونَ إِلَى? عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ»
صدق الله العظيم
قطر التي تحاك ضدها المؤامرات ليل نهار من دول الحصار للإضرار بسمعتها، ها هي اليوم تثبت للعالم أنها شامخة ثابتة صامدة، تواصل أعمالها اليومية، وتجري تحديثاتها الطبيعية على أدائها الحكومي والمؤسسي، للبحث دائما عن الأفضل، غير آبهة بما يروج ضدها من أقاويل سخيفة، فنحن مشغولون بتطوير بلدنا، وترجمة خططنا، وتنفيذ التزاماتنا، وليس لدينا الوقت لنضييعه مع دول تحولت لعصابات ضد شعوبها، وكأنها مافيا أو أنظمة مارقة، بداية من قانون منع التعاطف وما يجر إليه من السجن والتهديد والتعذيب، وصولاً إلى الخطف والقتل والتمثيل حتى لو كنت مستجيرا في قنصلية بلادك..
وجاءت إرادة الله لتشغلهم بحماقاتهم وسفاهاتهم، وليكونوا محل استنكار العالم، نتيجة طيشهم وتخلفهم وتهورهم.. بل إن كل المؤامرات والتهم التي حاولوا إلصاقها بقطر ارتدت عليهم، وأبرزها الإرهاب، كما بدأت منظومتهم الاقتصادية في الاهتزاز وبدأت الدائرة تضيق عليهم، حتى أنهم أصبحوا في موقف من الذل والمهانة واستجداء الأعداء لإنقاذهم من هذه الورطات الكبرى.. والمتلاحقة.
أما قطر وأهلها.. فحسن خلقهم وصفاء نواياهم ونقاء قلوبهم، جعلتهم اليوم في المقدمة، بحكمة قيادتها وسواعد أبنائها.. فانشغلوا بتطوير قدراتهم وتنمية ثرواتهم وإشراك الشعب فيها.. ولم يتآمروا على جيرانهم أو يغاروا منهم أو يغدروا بهم.
بقلم: محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
copy short url   نسخ
05/11/2018
5635