+ A
A -

لم تصل رئاسة أميركية متخبطة إلى موقع القرار الأول كما هو الآن، في واقع الرئاسة الحالية وصناع القرار فيها. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب، مُتخبط في قراراته وتوجهاته، ارتجالي وعشوائي، وأفكاره مشوشة، وحتى يُمكن الشك في النضج الذهني للبعض منها، تلك الأفكار التي يحاول صناعتها بالتعاون مع الطاقم الضيق المحيط به، وعلى رأسهم صهره الشاب المتواضع في تجربته السياسية وثقافته العامة لاجارد كوشنير، وجيبسون غرنبلات، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الدفاع ماتيس.
الرئيس دونالد ترامب فتح النار على كل الأطراف الدولية التي تتباين مع واشنطن بشأن العديد من القضايا، وعلى رأسها روسيا الإتحادية والصين الشعبية والمانيا، وحتى مع المجموعة الأوربية، حين شجَّعَ ومازال يُشجّع على مسألة خروج بريطانيا من مجموعط الاتحاد الأوروبي، والتمسك بنتائج الإستفتاء الذي كانت بريطانيا قد أجرته قبل أربع سنوات، بينما تُطالب عدة أحزاب وعموم مؤسسات المجتمع المدني في بريطانيا باعادة الإستفتاء كونه أنجز سابقاً بفارقٍ ضئيل جداً بين من يؤيد الخروج من الاتحاد وبين من يعارضه، وبالتالي في الوقوف مرة ثانية على رأي الشارع البريطاني بالنسبة لمسألة خروج لندن من مجموعة الاتحاد.
من الواضح، وخلال المرحلة الأولى من اقلاع إدارة الرئيس دونالد ترامب في عملها السياسي على المستوى الدولي، أنَّ هناك بعض العناوين والأفكار تتحكم بالخط العام لهذه الإدارة في رؤيتها للعلاقات الدولية. واولها النظرة الأميركية الإستعلائية للعالم ومؤسساته الدولية والإستهتار بها، بما في ذلك الأمم المتحدة، وعدم الإكتراث بالعلاقات المتعددة الأطراف بين الأمم وبين مراكز القوى في العالم.
وثانيها تأكيد التفوق العسكري والاستراتيجي الأميركي، بغضّ النظر عن مقدار الواقعية فيه، وهي مسألة مبالغ بها تماماً من قبل الإدارة الأميركية الحالية. وانطلاقاً من ذلك فإن العديد من فلاسفة واساطين الإدارة الأميركية الحالية يدعون إلى «السلام عن طريق القوة» بالنسبة للمناطق التي تَشهد صراعات في العالم ومنها القضية الفلسطينية، حيث الدعم الأميركي اللامحدود لدولة الإحتلال، والصمت على عدوانها اليومي على الفلسطينيين، بل وتشكيل غطاء سياسي لها أمام المجتمع الدولي وحمايتها من المسائلة. وهنا نجد أصداءً من نص استراتيجي للأمن القومي الأميركي صاغه الرئيس الأميركي الأسبق الجمهوري جورج وليم بوش عام 2001.
وعليه، نحن إزاء استراتيجية أميركية يمكن وصفها بــ «الغبية»، في صياغة وإدارة العلاقات الدولية، والإشتباك مع مختلف الأطراف وخاصة روسيا والصين الشعبية، والإنسحاب من الإتفاق النووي مع إيران والموقّع أممياً.
واذا ما استمرت السياسة الترامبية على المنوال ذاته فإن واقعاً جديداً ستفرضه أمام وسيا والصين على الأقل، لبناء تحالف مشترك ومتكامل لمواجهة الولايات المتحدة حال ذهبت هذه الأخيرة بعيداً في سياساتها إياها. وبالتالي فإن احتمالات اندلاع تسخين عسكري وحشد للأساطيل أمرٌ متوقع في شرق آسيا.
أخيراً، على واشنطن، أن تُدرك أن «فكرة مواجهة بقية العالم بأسره عبر عقيدة القوة السياسية والعسكرية» أمرٌ أصبح من الماضي، ولامكان له في عالم اليوم، فالعالم لا يُدار بهذه الفلسفة وهذه الطريقة، بل تسعى القوى العاقلة الآن لبناء سياسات تقوم على احترام المصالح المتبادلة بين الشعوب وعوم المنظومات الدولية.
بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
01/11/2018
1919