+ A
A -
- سمير البرغوثي
مسلم جاره على اليمين مسيحي، وجاره على اليسار يهودي، والثلاثة ينتمون لوطن واحد هو فنلندا، المسلم من فلسطين هاجر منذ سنين واليهودي بولوني، والمسيحي فنلندي، ارتاب المسيحي واليهودي من المسلم إلا انه وبعد تجربة وجدوه من اصحاب الخلق، لكن بقيت الريبة وصدرت منهم تصرفات قرر ان ينقل لهم سبب تغاضيه عنها، فقال: أنا مسامح لأنني مسلم والتسامح في دين الإسلام بين المسلمين أمر معروف وواضح، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا، والتسامح في هذا الدين نصوصه كثيرة ومشهورة، «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» الشورى40. وتنازل المسلم لأخيه المسلم عن حقه مما يؤجر عليه عند الله ويزداد به في الدنيا والآخرة، وأما تسامح المسلمين مع غير المسلمين فهو قضية إنسانية هدفها ما هدف إليه من نقلوا التسامح إلى الجزر البعيدة فأسلمت.
في خطبة الجمعة الأخيرة حذر الإمام من الغل على الآخرين وطالب قبل دخول العشر الأواخر نزعها بالمجاهدة، وقبل أن أغادر مكان ركوعي راجعت أجندة من اختلفت معهم فمرت صورة رجل ظننت أنه هو من بدأ الخصام، فقررت أن أذهب إليه وأصافحه وحين أشاح بوجهه وناظريه نزعت ما في قلبي من غضب عليه وعدت دون أن أسامحه ورددت قول الإمام الشافعي
لما عفوت ولم أحقد على أحد..
أرحت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عدوي عند رؤيته..
لأدفع الشر عـــني بالتحيـات
وأُظهر البـِشر للإنسان أبْغضه..
كما إن قد حشا قلبي محـبات
ولست أسلم من خل يخالطني..
فكيف أسلم من أهل العـداوات
الناس داءٌ ودواءُ الناس قربهم..
وفي اعتزالهم قـطع المودات.
فعدت مرة ثانية ووجدت نفس الصدود، سألت الإمام فقال: أنت بدأت وقلبك أبيض ولتواصل التسامح.

مديرة تبتسم في وجه موظفاتها واغتنمت أول فرصة وقررت إنهاء خدمة كل من أبدى نقدا للأداء في عهدها أو حافظ على ولائه للإدارة السابقة. هذه المديرة نحيلها إلى التسامح في القرآن والسنة وما أكثره وهي تخص من طلب الجنة ليجلس مع من تسامح معه على سرر متقابلين.

ليكن التسامح هو عنوان أيامكم لعل الله يرفع غضبه ومقته عنا.
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
22/10/2018
1602