+ A
A -
في حوار تليفزيوني مطوّل أطل رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي على الشعب ليوضح موقفه من المشهد السياسي العام ومن حالة الانفلات والتشظي التي يعرفها حزبه نداء تونس بالإضافة إلى تكرار جملة من المواقف المعتادة التي لا تضيف جديدا للرأي العام.
وربما كان الملمح الأساسي للحوار هو تأكيد رئيس الجمهورية على ما سمّاه نهاية التوافق مع حركة النهضة معللا ذلك بامتناع الحركة عن المضي في الاتفاق الحاصل بين مختلف الأطراف وانفرادها بموقفها تجاه الحكومة والأزمة التي تعيشها البلاد.
وإذا كانت سياسة التوافق والتحالف بين رئيس الجمهورية وحزبه من جهة وحركة النهضة من جهة أخرى قد رأت النور منذ لقاء باريس بين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي سنة 2014 إلا أن مستجدات كثيرة وتغيرات مهمة قد جرت منذ ذلك الحين إلى اللحظة الراهنة. فحزب الرئيس الذي فاز سنة 2014 واستأثر بالرئاسات الثلاث (رئاسة الدولة والحكومة والبرلمان) أصبح أثرا بعد عين وتحول إلى مجرد شبح سياسي للحزب الذي كان، فمن موقع الأغلبية البرلمانية انحدر الحزب إلى المرتبة الثانية في عدد النواب بعد انشقاق الثلث سنة 2016 وانضمامهم إلى كتلة الحرة التابعة لمشروع تونس ولينتهي هذه الأيام إلى مقاعد معدودة قد لا تكفيه لتشكيل كتلة برلمانية تحمل اسمه مع استقالة غالبية نوابه وتشكيل كتلة جديدة تحمل اسم «الائتلاف الوطني» تابعة لرئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد وقد تكون نواة حزب مستقبلي يخوض من خلاله الانتخابات القادمة سنة 2019.
ولا تخفى حالة التشظي التي يعانيها حزب «نداء تونس» عن رئيس الدولة وهو يدرك تماما أن المتسبب فيها هو أساسا نجله حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي للحزب والذي خاض صراعات متواصلة مع كل رئيس حكومة يأتي به الرئيس بداية من الحبيب الصيد وانتهاء بيوسف الشاهد الذي استطاع بمهارة شديدة أن يسحب البساط من تحت نجل الرئيس ويستأثر بالنواة الصلبة للحزب وتوجيهها نحو دعم سياساته بل وانتقل بعدها إلى مرحلة أخرى وهي وراثة التحالفات التي نسجها الرئيس ذاته اعني التوافق مع حركة النهضة التي تحولت إلى حليف داعم لرئيس الحكومة الحالي رافضة الزج بالبلاد في حالة الفوضى السياسية والدخول في وضع من غياب الاستقرار الحكومي في مرحلة انتقالية حرجة تمر بها البلاد.
ورغم تصريح رئيس الجمهورية عن نهاية زمن التوافق السياسي مع حليفه راشد الغنوشي وحركته التي تمثل القوة السياسية الأولى في البلاد إلا أن تصريحات قيادات حزب النهضة جاءت هادئة وترفض التورط في التصعيد ومصرة على استمرار سياسة التعايش مع الرئيس والحوار معه وهكذا نجد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة يصرح بوضوح «أن الحركة لم تقطع علاقتها برئيس الجمهورية ولم تطلب منه ذلك» مؤكدا «أن النهضة ستظل حريصة على التوافق الوطني وعلى استمرار الحوار مع رئيس الجمهورية، ومتشبثة بمخرجات لقاء باريس».
بقلم : سمير حمدي
copy short url   نسخ
28/09/2018
1842