+ A
A -
يرتدي الزي القطري، لهجته قطرية.. يعمل طبيباً في مؤسسة صحية كبرى.. حين سألته: أنت من أين؟ ثار وزمجر.. وأشاح بوجهه عابساً مبسراً قائلاً: لا أريد أحداً أن يطعن في هُويتي أو يشكك في انتمائي.. روحي فداء لقطر، فداء للأمة العربية.. فداء لمسقط رأسي.. قلت؛ هو سؤال عادي، رجل ملامحه أجنبية يرتدي زياً وطنيا.. لا بد من التساؤل.. أهو مواطن أم متوطن؟
نعم منذ غادرت فلسطين قبل خمسين عاماً.. وجئت إلى الخليج الذي فتح أبوابه لي بل وجدت فرص عمل فيه لم تتح لي في بلدي فعملت في وزارات التعليم معلماً والعدل سكرتيراً.. والداخلية أمين سر.. والخارجية خبيراً، وفي الصحافة عملت صحفياً ومحرراً وسكرتير تحرير ومدير تحرير.. ووجدت على شواطئ الخليج راحتي.. وباتت ثقافتي خليجية.. الغذائية والاجتماعية.. اللهجة.. والعادات والتقاليد.. حتى أنني حين تزوجت ابنتي لم احضر حفل زفافها.. واعتقد أهل العريس أني غاضب فجاؤوا يعاتبون ويلومون ويسألون.. فقلت من عاداتنا في الخليج ألا نحضر حفل زفاف البنت.
نعم تشكل دمي خليجياً.. وباتت هُويتي خليجية.. لكن هل ألغت هويتي الفلسطينية والأردنية.. أقول لا ولائي ليس مزدوجاً، فولائي لقطر والكويت بنفس الكمية والحجم والمقدار من ولائي للأردن وفلسطين.. وإن طلبت دماء أولادي فداءً للإقليمين فنبذلها رخيصة.. فالأبناء الذين ولدوا في الخليج وتلقوا تعليمهم في مدارس قطر وشاركوا في حفلات التعليم التي ترسخ الولاء والانتماء من الصعب أن تسلخهم عن هويتهم المكتسبة وباتت تتساوى مع الهوية بالتأسيس أو تزيد..
في زيارة لدول أميركا اللاتينية.. لم أصدق أن هؤلاء الذين استقبلوني هندوراسيين أو فنزويليين.. في عادات الكرم والضيافة والترحيب واللهجة فهم يتحدثون اللهجة الأم من فلسطين.. لكن منهم الرئيس والمختار ورئيس الشرطة وهكذا.. وهم هندوراسيون مع أهل هندوراس.
نعم تطبعوا بطباع البلد.. وباتت هويتهم هندوراسية لكن لم تسقط من جيناتهم هويتهم الأصلية..
نعم.. نحن في عالمنا العربي هوية في هوية بل هويات في هوية.
كلمة مباحة
الإنسان بلا هوية لا يكون له كيان كمن ليس له ملامح، فالهوية عامل معبر عن وجود الشخص وانتمائه لكيان معين وتعد الهوية هي أول علامة تجعلنا ندرك أن هذا الشخص إنسان.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
21/09/2018
1965