+ A
A -
يتواصل الخلاف– وإن شئت الحرب- بين الرئيس دونالد ترامب، وعدد ليس قليلا من وسائل الإعلام الأميركي ذات الثقل والمصداقية والمنحى الليبرالي كمحطات «سى إن إن» و«إن بي سي» و«سي بي إس»، وصحيفتي «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز». الخلاف اشتعل مع ترشح ترامب للرئاسة، وتأجج مع نجاحه في الوصول لسدة الحكم، واستعر مع متابعة تلك القنوات والصحف لقضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، ومعارضتها لكثير من قرارات الرئيس. حتى وصلنا إلى استخدام رئيس الولايات المتحدة لتلك التعبيرات «العالمثالثية» من عينة «عدو الشعب الأميركي» «خطر على الأمن القومي»، في وصفه لتلك الوسائل الإعلامية.
أحدث جولات المواجهة، كانت مع تنافس الصحيفتين الأشهر «واشنطن بوست ونيويورك تايمز»، لفصول كتاب «الخوف: ترامب في البيت الأبيض».
لن أتوقف كثيرا عند المنشور عبر الصحف والمنقول إلى اللغة العربية من الكتاب، ولكن الحالة كلها تستدعي التوقف والتأمل.. ولعل المحطة الأولى، يتوجب أن تكون مع المؤلف، بوب ودورد الذي يبلغ من العمر 75 عاما.
فالصحفي الذي فجر– برفقة زميله كارل برنستين- قبل نحو 45 عاما فضيحة ووترغيت التي أدت إلى استقالة الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون من منصبه، لم يشأ أن يغلق على نفسه أبواب شيخوخته، ويكتفي بما حققه من إنجازات في بلاط صاحبة الجلالة، جعلته وزميله سببا أساسيا لحصول صحيفته، على جائزة بوليتزر في مجال الخدمة العامة والصحافة عام 1973، وجعلته هو واحدا من أكثر الصحفيين المحترمين في التاريخ الأميركي، وإنما واصل جهده المهني وأجرى مقابلات حصل من خلالها على معلومات مهمة، ضمنها كتابه، وهو درس مهم لإصرار الصحفي على القيام بواجبه، مهما بلغ من العمر، وحقق من الشهرة والمجد.
لست بحاجة بالطبع للإشارة إلى الدرس المرافق، من أن ودورد أو غيره، لم يكن لهم أن يفعلوا ما فعلوا وما زالوا يفعلون، لولا ذلك التمسك من قبل المجتمع الأميركي باحترام الدستور الذي يضمن الحريات ويحظر على الكونغرس تمرير أية قوانين من شأنها الانتقاص من حرية التعبير أو حرية الصحافة.
دعاة قمع حرية الإعلام، يتخذون مما يقوله ترامب ذريعة لما يفعلونه ضد إعلامهم وإعلامييهم، لكنهم يغمضون أعينهم عما يقوم به ودورد وبقية الإعلاميين، دون أن يكونوا مهددين في أرزاقهم أو حرياته أو أبدانهم.

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
16/09/2018
1727