+ A
A -
أليس هذا ما أصبحت عليه السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، وكذلك منظمة التحرير التي جرى تجريدها من محتواها الوطني والقومي التحرري وتحويلها إلى رهينة تتحرك قياداتها تحت رقابة الاحتلال وتتنقل من مكان إلى مكان بإذن منه. إن من يريد، فلسطينيا، أن تعود منظمة التحرير لتكون حركة تحرر وطني، قولا وفعلا،شكلا ومضمونا، عليه أن يدرك كل هذه الحقائق، وعليه أن يعود ويقرأ من جديد تجارب حركات التحرر الوطني في العالم التي صنعت النصر على أعدائها ومحتلي أوطانها، وأن يستخلص من هذه التجارب الدروس والعبر لإعادة تأسيس وبناء حركة التحرر الوطني الفلسطينية، ببعدها العربي والأممي، ذلك أن لكل تجربة خصائصها المحلية، لكن هناك عوامل مشتركة توافرت لدى كل هذه الحركات التحررية كانت الأساس في تمكنها من بناء حركة مقاومة ملتزمة وملتصقة بالجماهير وخوض غمار نضال طويل بلا هوادة ضد المحتل والمستعمر والنجاح في استنزافه وتحقيق الانتصارات الجزئية والصغيرة وصولا إلى تحقيق الانتصارات الكبرى وإجبار قوات الاحتلال، في نهاية المطاف، على أخذ قرار الرحيل والانسحاب، بلا شرط أو أي ثمن، تحت ضربات المقاومة. هذه العوامل تكمن في توافر القيادة الثورية الواعية وغير المساومة، وامتلاك رؤية استراتيجية، وبناء مقاومة شعبية ومسلحة على أساسها، وتجميع كل القوى والطاقات في إطار حركة التحرر على قاعدة مقاومة الاحتلال ورفض أي مساومة معه، مقاومة تملك الاستقلال الذاتي وتعتمد على دعم الأصدقاء الذين يرفضون الاحتلال والاستعمار، مقاومة تربط بين النضال الوطني والنضال الاجتماعي، قيادة مقاومة تملك فهما دقيقا للواقع والظروف المحلية، وطبيعة العدو، وقادرة على اعتماد تكتيكات تخدم الهدف الاستراتيجي الذي يتمثل في تحرير البلاد من الاحتلال، وعدم القبول بأي مساومة على أي جزء من الأرض، أو التهاون في العمل على تحقيق الاستقلال الوطني الكامل.
بقلم : حسين عطوي
copy short url   نسخ
04/09/2018
1917