+ A
A -
يحاول كل منا تطوير نفسه بعدة طرق ومجالات ويختبر ويقيس مدى نجاحه بعدة وسائل، وإحدى هذه الطرق المقارنة؛ فقد قام عالم النفس ليون فستنغر بتسليط بعض الضوء على دوافع الأشخاص إلى المقارنة، وأشار إلى أنّنا نمتلك رغبة فطرية في تقييم أنفسنا، وهذا ما يقودنا إلى المقارنة الذاتية، وقد سُميّت هذه النظرية بنظرية المقارنة الاجتماعية، ويقصد بها مقارنة أنفسنا بالآخرين كنوع من المقاييس، خصوصًا عند المقارنة بأشخاص ننظر إليهم على أنّهم قريبو الشبه بنا، أو نعمل معهم في المجال نفسه أو بيننا درجة قرابة.
المقارنة وحدها تعتبر سيفاً ذا حدين، وقليل من الناس يُحسن استخدامها.
فمعظم الأشخاص يضعون سلبياتهم بشكل مبالغ فيه، أمام إيجابيات الشخص المقارن به بشكل مبالغ فيه أيضاً، ما يصرف الشخص من كونه يقارن نفسه بالآخر إلى ظالم لنفسه مجحف.
فمن غير المعقول أن يكون هناك أشخاص متشابهون في الظروف والمعطيات.
ومن غير المعقول أن نقدر إيجابياتنا ولا نعطيها حقها، ونقوم بالتعظيم من شأن الغير، ونمتدح الآخرين بأحسن الصفات، ونهمش أنفسنا؛ إذ لابد لنا من التركيز وعدم إذلال النفس بالمقارنة الخاطئة، بحيث نقدرهم بأكثر مما يستحقون وفي عينيك ناجحون متميزون ومنتجون، وتقلل من تقديرك لذاتك ومهاراتك، نعم، سترى دوماً من هو أفضل منك، هذه سُنة الله في خلقه، ولكنك لست الأسوأ، وكذلك هم، هنالك من هو أفضل منهم بالتأكيد.
إذن، علينا أن ننظر إلى المقارنة من زاوية أخرى مختلفة، زاوية تدفعنا إلى أن نطور أنفسنا ومهاراتنا وأسلوب حياتنا، فلتكن مقارنة ومنافسة إيجابية من حيث المبدأ مع ذواتنا أولاً. نخاطب أنفسنا ونطرح عليها التساؤلات، ونتذكر الإنجازات التي حققناها، كيف بدأنا وماذا كنا قبل بضع سنوات؟ وأين أصبحنا الآن؟ ماذا تعلمنا؟ وماذا اكتسبنا؟
لنبرز إيجابياتنا وسلبياتنا على لوحة ونقارن كيفية التطوير لذاتنا سنجد الكثير ولنركز على عناصر النجاح بداخلنا ونطور المهارات التي نحتاجها ولنكن صادقين مع أنفسنا.
ولنعلم مهما كنّا نحتاج للإشادة والنقد البناء ولتقدير كل مجهود بذلناه، ولنعلم أن الطريق للنجاح يبدأ من داخل أنفسنا وتبرمجه عقولنا ومعظم من ينجحون هم من يعززون الإيجابيات في شخصياتهم، ويعالجون سلبياتهم.
وأن الناجحين ليس حقيقة من هم الأكثر دخلاً وليس الأغنياء بل من ملأ نفسه رضا بعمله وواقعه ودخله ويسعى جاهداً لتطوير قدراته.. وأهم شيء هو أن تتخلص من الحقد والحسد، وأن ليس هناك عائق لتكون مثلهم، بل أفضل منهم إن أردت. هذا زمان تشتد فيه المقارنة والمنافسة، فارفق بنفسك، ولا تحملها ما لا تطيق.
بقلم : إيمان عـبد العـزيز آل إسحاق
copy short url   نسخ
29/08/2018
61531