+ A
A -
قلت لصديقي الذي يميل إلى الفكر المناهض للناصرية ولفكر وسياسة الرئيس المصري الراحل.. «أحببنا عبد الناصر أو كرهناه لا يمكننا إلا أن نعترف بأنه كان بمواقفه رمزا للكرامة العربية المفقودة حـاليا» بدءا من تأميم قناة السويس، ومواجهة العدوان الثلاثي وبناء السد العالي. ومواجهة العسف الأميركي، ونقلت له واقعة في الستينيات حول السفينة المصرية كليوباترا، فقد رست في الثالث عشر من أبريل سنة 1960 الباخرة المصرية «كليوباترا» في أحد موانئ نيويورك بمنطقة «بروكلين»، حاملةً على متنها 80 طناً من القطن المصري لتفريغه وشحنها بالقمح الأميركي بالمقابل...
بتحريض من اللوبي الصهيوني أعلن عمال الميناء رفضهم القاطع لتفريغ الباخرة المصرية رداً على المقاطعة العربية لإسرائيل...
أبلغ السفير المصري الرئيس جمال عبد الناصر بالحدث فجاء الرد مباشراً..
خرج ناصر للإعلام لخمس دقائق فقط، خاطب فيها اتحاد عمال الموانئ العرب من المحيط إلى الخليج ودعاهم لعدم تفريغ أو شحن أي سفينة أميركية في أي ميناء عربي رداً على مقاطعة «كليوباترا»...
230 ألف عامل عربي في الموانئ العربية استجابوا لنداء ناصر مباشرةً، بما فيها موانئ الدول المعادية لناصر، وتعطلت 80 سفينة أميركية عن العمل على امتداد الوطن العربي، من طنجة حتى طرطوس...
36 ساعة فقط كانت كافية لإجبار الرئيس الأميركي آيزنهاور أن يعطي أوامره للجيش الأميركي بتفريغ وشحن الباخرة المصرية كليوباترا....
هكذا كان الرد على «كليوباترا» عندما كان للعزة والكرامة عنوان.
اختلفنا مع عبد الناصر.. فقد كان للعزة والكرامة عنوان.. حين كانت الشعوب تسهر على الترانزستور تنتظر المواقف.
هذه العزة والكرامة وجهت بوصلتها نحو الدوحة واسطنبول.. لكن هل تعي الشعوب العربية أهمية الاستجابة لمواقف زعامة العزة والكرامة كما كانت الشعوب زمن ناصر وصدام..
قال لي محبطا.. الشعوب مخدرة.. وأفيون الشعوب ليس الدين ولا الحشيش، أفيونها التوحد مع الجوال..
كلمة مباحة
قال لي: من المفلس؟ قلت المفلس من ليس لديه زعيم يحفظ له العز والخير والكرامة.
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
28/08/2018
2041