+ A
A -
يوم الوقفة في عرفة كان النقاش محتدماً بين «الدِّقِر» وكبير القعدة «أبو أدهم» حول المكان المفضّل لتناول وجبة العشاء في أول أيام العيد.
فالدِّقر يرى أنه من المتعارف عليه أن يتم ذلك وسط جماعةٍ في مكانٍ يتفقون عليه، وليكن مكاناً عاماً، في حين يرى أبو أدهم أن من الواجب أن يتم ذلك في بيت الكبير، فوالده، كبير قومه، كان يولم يوم العيد، ويجمع المقرَّبين في مضافته الفسيحة «المنزول» التي تقع عند مدخل البيت، قرب البايكة في قريتهم «كوكبة»، وهناك يقدم لهم الفتّة المجهزة بلحم الأضحية، وبعد أن يتناولوا القهوة والشاي يغادرون حامدين شاكرين، مقدرين حُسن الضيافة في هذا اليوم من أيام العرب والمسلمين..
قال الدِّقِر:
- ومن أين نأتي بمضافةٍ كمضافة أبيك، ومنزولٍ كمنزوله، وخرفانٍ كخرفانه، ونحن في بلاد المهجر، دوبنا نقدر على كيلو لحمة لو وجدنا المكان المناسب؟
وفيما هما في هذا التلاحي، وفد عليهما أبو أحمد السوسة، خليل الكبير ونجيُّه، وكاتم أسراره..
- كل سنة، وأنتم سالمون، وعساكم من عواده، مالكم حاميين، كأنّ بينكما دينة ضايعة؟
- أبداً يا بركة، اختلفنا على مكان الضيافة، قال أبو أدهم..
أجابه السوسة:
- ضاعت ولقيناها، اكتشفت لكم مطعماً يقدم وجباتٍ شرقية، ففيه شيف هندي كان يعمل في الخليج، ويقدم الكبسة بلحم الأوزي..
-الحقنا فيه، قال الدقر، ما اسم هذا المطعم، وأين يقع؟
- اسمه «الحصان الكسيح» ويقع على بعد تسعين ميلاً في الساحل الشرقي..
قال الكبير:
- اعمل معروف يا بو أحمد، اتصل بالحبايب وبلغهم بالمكان وليكن الزمان بعد صلاة العيد..
قام أبو أحمد بالواجب، بعد الصلاة تنادى الصحب إلى مطعم الحصان الكسيح حيث الكبسة بلحم الأوزي.
وبعد سفر استغرق ساعتين وسط منطقة الوادي حيث تحف المزارع، وجداول المياه والبحيرات على جانبي الطريق الزراعية، وصل الركب إلى القرية السياحية التي تطل على المحيط، وسار الركب في طريقٍ ممتد عبر القرية إلى نقطةٍ في طرفها حيث يقع فندقٌ سياحي، ولمح الدِّقِر يافطةً تتوسطها رسمة سمكة سالمون يجاورها جراد البحر.. إنه مطعم الحصان الكسيح..
أوقفوا سياراتهم، ونزلوا جمعاً باتجاه مدخل المطعم، قابلتهم صاحبة المطعم مرحبةً، سألوها عن الشيف الهندي، والكبسة بلحم الأوزي، أبدت دهشتها، وقالت بالإنجليزية:
-هذا مطعم أكلات بحرية، وشيفاتنا محليون، ونقدم أشهى أكلات السمك والجمبري واللوبستر الذي نصطاده بمراكبنا..
أُسقط في يد الكبير، والتفت إلى نجيّه وخليله السوسة:
- ولك يا زلمة مشيتنا صبحية العيد هالمسافة علشان تأكلنا سمك؟ وين الكبسة وصاحبك الهندي الله لا يبارك فيك ولا فيه.

بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
24/08/2018
2098