+ A
A -
المتفزلك كلمة عامية يستخدمها أهل بلاد الشام، ويقصدون بها الشخص الذي يُعقِّدُ الأمور البسيطة، ويُفلسفُ الأمور التي لا تحتاج إلى فلسفة! ولربما جلس ليحدثك عن كيفية إعداد «شوربة العدس» فيشعرك أنه يتحدث عن كيفية صنع القنبلة الذرية!
وكنتُ حتى وقتٍ قريب أعتقد أن مرض الفزلكة شأن عربي بحت، ولكني البارحة قرأتُ دراسة، تبين لي من خلالها أن الفزلكة وباء عالمي، وأن المتفزلكين تعاني منهم كل المجتمعات البشرية في شتى أصقاع المعمورة!
تقولُ الدراسة: يميل كثير من الناس للحديث بلغة معقدة يصعب فهمها حتى من المختص في المجال الذي يخوض «المتفزلك» فيه! وتحلل الدراسة هذه الظاهرة بنقص يعاني منه هذا المتحدث، وما اللجوء إلى الفزلكة إلا لتعويض هذا النقص فهو يشعر برغبة في التميز من خلال إشعار الآخرين بأنهم لا يمكنهم فهم ما يقوله! وتنصح الدراسة بعدم شعورك بالتقصير إن صادفتَ أحد المتفزلكين ولم تفهم مراده، لأن الذي يعاني من النقص هو لا أنتَ!
ذكرتني هذه الدراسة بقول آينشتاين: إذا لم تستطع أن تُعبر ببساطة عن شيء ما فأنت لم تفهمه بما يكفي!
والمتفزلكون هؤلاء يوجد منهم في كل مكان، نلتقي بهم في العمل، والمسجد، والمقهى، والمواصلات العامة، وينشطون بكثرة على قنوات التلفزة!
يشنطُ المتفزلكون في البرامج السياسية كما تعرفون! وبعض المحللين الرياضيين يجعل لعبة كرة القدم أصعب من نظرية النسبية، مع أن آينشتاين نفسه سأله سائق التاكسي أن يشرح له النسبية ببساطة، فقال له آينشتاين إذا جلست مع امرأة جميلة على الشاطئ لمدة ساعة، فكم يبدو لك طول هذه الساعة؟
فقال: تبدو كأنها دقيقة.
فقال آينشتاين: إذا جلستَ على صفيح ساخن لدقيقة، فكم يبدو لك طول هذه الدقيقة؟
فقال: تبدو كأنها ساعة.
فقال آينشتاين: هذه هي النسبية!
أما أبطال العالم في الفزلكة فهم المحللون الاقتصاديون في نشرات الأخبار، كنتُ أستمع إليهم، وأركز وأحاول جاهدًا أن أفهم شيئًا ولو بسيطًا وفي أغلب الأوقات كنتُ أفشل، يبدو حديثهم غريبًا ومفرداتهم صعبة كأنهم يحضرون الجن لا يشرحون سبب هبوط الأسهم! ولا أخفي سرًا أني بقيتُ حتى وقت قريب أعتقد أن الاقتصاد أصعب شيء على وجه الأرض، ولكني عندما قرأتُ كتاب «الاقتصاد عاريًا» لتشارلز ويلان ورأيتُ كيف يُبسط الأشياء، ويشرح المفاهيم المجردة بأمثلة حياتية، ويخبرك بالخطوات التي تجعلك تابعًا أو مؤثرًا في عجلة الاقتصاد البشري بالبساطة التي استطاع فيها آينشتاين أن يشرح النسبية لسائق التاكسي! عرفتُ أن المشكلة فيهم وليست فيَّ!
المهم، نحن بخير، ولا نشكو من بطء في الفهم، ولا من تدني قدراتنا الاستيعابية، ولكن المتفزلكين يجعلون الأمور تبدو أصعب مما هي عليه!
أعاذنا الله من الفزلكة!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
16/08/2018
3638