+ A
A -
صارت دول عدة في العالم تتساءل: الا يوجد بين ملاييننا اللواتي بالعشرات احد عشر رجلا يمكنهم تمثيل الدولة في ماراثون كرة القدم الدولي، فيفوز الفريق قاريا ليصعد إلى الأولمبياد، ويكون حصانا اسود يقهر الآخرين المنافسين ويستمر في الصعود حتى يختطف الكأس، ومن ثم صار الفوز بأغلى الكؤوس في العالم يحتاج إلى تخطيط متوسط أو بعيد المدى، تماما كما خطط التنمية الاقتصادية التي تلوذ بها دول عالم ثالثية لقهر الفقر أو التخلف أو الخمول الاقتصادي.
مدون رياضي بريطاني استفز الصين التي يزيد تعداد سكانها على المليار ونصف مليار نسمة حينما كتب يقول: «إنه أمر محرج للغاية أن الصين لا تجد 11 رجلا يمثلونها على المستوى الدولي»، واثر ذلك بدأت الصين فعلا تخطط لاستضافة كأس العالم لكرة القدم والفوز بها عام 2050، خاصة وان الرئيس الصيني شي جينبينغ يعد أكبر مشجع للعبة في بلده، وبدأ عدد من رجال الاعمال الصينيين يدفقون أموالهم على هذه الرياضة الاكثر جاذبية وشعبية بين كل الرياضات في العالم والتاريخ.
شخصيا حينما قرأت عن الرواتب والمكافآت والاموال التي يتقاضاها لاعبو كرة القدم، خاصة المشاهير منهم، وبالخصوص حينما يسجلون اهدافا تتيح لفرقهم النصر في أوقات حرجة من المباراة، شعرت بشيء من الندم انني اسهمت بقدر كبير في تكريه ابني في هذه الرياضة وصرف اهتمامه عنها إلى اشياء اخرى، فلو انه كان لاعبا كرويا ماهرا وحاذقا وخبيثا في مراوغاته كما كان والده في صباه قبل ان يقاطع هذه الرياضة وينصرف إلى الدراسة والقراءة والكتابة، لكنت لا أخشى عليه ولا على مستقبله كما انظر اليه حاليا بتخوف، خشية الا يحقق النجاح المأمول والمنشود في حياته.
وكما المثل القائل: «القدم تدب مطرح ما تحب» فإن الاموال تعرف طريقها بسهولة إلى ما يحبه ويعشقه الناس، والناس تعشق بجنون الساحرة المستديرة، فعشرة أعوام من الشهرة والنجاح والتهديف الماهر في مرمى أي فريق منافس، تضمن للاعب الراحة والثراء بقية عمره، فاحتراف كرة القدم يشبه إلى حد كبير احتراف رواد الفضاء ركوب الصواريخ البالغة السرعة إلى القمر أو إلى كواكب أخرى، فكل من المجالين له عمر معين بعده يفقد ممارسها الصلاحية بحكم تيبس العضلات وفقدانها حيويتها ومرونتها الفائقة، وإن اراد اللاعب ان يضيف إلى حياته مراحل أخرى بعد خروجه معتزلا الملاعب الخضراء، فيمكنه ان يشتغل بالتدريب، اذ ان شهرته وقدراته وخبرته يمكن ان تدر عليه الكثير من العروض المجزية، بل وهناك مجالات اخرى عديدة يمكن ان يستغلها اللاعبون بعد الاعتزال، فيظلوا اسما في الأخبار لا تشيح عنهم عدسات المصورين الصحفيين.
ولكل ذلك وغيره انتظروا الصين في الملاعب الخضراء، فالتنين الأصفر مصرٌّ على النجاح، ولهذا فقد ينتقل مركز الثقل الكروي العالمي من أميركا اللاتينية والقارة البيضاء إلى القارة الصفراء رحم العالم التي تحتضن شعوبا سوف تتفوق في هذه الرياضة وتقهر فرق بلد المنشأ.
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
14/08/2018
1708