+ A
A -
عندما كان العَالمُ يستريحُ من وعثاءِ الحرب العالمية الأولى، كان أودلف هتلر مشعلُ الحرب العالمية الثانية في السجنِ يكتبُ فصلًا في كتابه الشهير كفاحي يقول فيه:
جميع ثقافات الماضي العظيمة اندثرتْ فقط لأن السلالة المبدعة الأصلية قد ماتت بفعل تسمم الدم!
بعد ذلك بأربعة عشر عامًا كان موسليني هو الآخر يخطُّ في كتابه بيانًا عن العرق يقول فيه:
الطابع البدني والنفسي الأوروبي النقي للإيطاليين يجب ألا يتبدل بأي طريقة، لقد حان الوقت لأن يعلن الإيطاليون عنصريتهم بكل صراحة!
قد يقول قائل: حمدًا لله أن هتلر وموسيليني قد ماتا!
شيء يستحق الحمد فعلًا! ثم إنه بعد الحمد والشكر، انقرض عنصريان شهيران، ولكن العنصرية لم تنقرض، إنها باقية وتتمدد! تمددت كثيرًا حتى تجاوزت عقول الساسة إلى عقول الناس!
منذ أيام أعلن اللاعب الألماني، التركي الأصل، الكرديّ العِرق مسعود أوزيل اعتزاله لعب كرة القدم دولياً بعد التعليقات والمضايقات العنصرية التي تعرض لها عقب المشاركة الهزيلة لألمانيا في كأس العالم... وقال أوزيل شارحاً بعضاً من معاناته: عندما نفوز فنحن ألمان، وعندما نخسر فنحن مهاجرون!
وعلى الرغم من فوز فرنسا بكأس العالم بفضل المهاجرين من مواطنيها، الأفارقة منهم تحديداً، إلا أن صحيفة «تشارل إبيدو» السيئة السمعة والصيت، نشرت رسماً كاريكاتيرياً تسخر فيه اللاعبين المجنسين بطريقة عنصرية هابطة!
ونحن عنصريون أيضًا يا عزيزي!
من منا لم يسمع عن قلوب احترقت، وزيجات وئدت، فقط لأن بعض الناس يعتقدون أنهم من سلالة أعرق، ونوع أفخم، وهناك دم ساميّ يجب المحافظة عليه!
من منا لم يشهد موقفًا تفوح منه العنصرية بين أبناء الوطن الواحد حتى، ناهيك أن كل شعب منا يعتقد جازمًا أنه شعب الله المختار! بالمناسبة هذا ما يعتقده اليهود أيضًا! حيث إن تلمودهم يقول إن الشعوب الأخرى لم تُخلق إلا لخدمتهم، وأن الشعوب الأخرى هي في الحقيقة حيوانات ولكنها خُلقت بصورة بشرية كي لا يأنف شعب الله المختار من أشكالهم وهم يخدمونهم!
وعلى صعيد الشعب والوطن الواحد في كل بلادنا العربية حدّث ولا حرج! أبيض وأسود، شمالي وجنوبي، بدوي وحضري، قرويّ ومدنيّ، معه أوراق ثبوتية وبدون! بحري برمائي فضائي أي شيء دوما نبحث عن أدق التفاصيل لنمارس فيها العنصرية إلا من رحم ربي!
عندما قال أبو ذر لبلال: يا ابن السوداء! قال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية!
إن نظرة الاستعلاء على الآخرين جاهلية محضة، وكِبر لا مبرر له سوى عقدة نقص في نفس صاحبها، ومهما بلغ أحدنا نسبًا فلن يبلغ مقدار ما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وهو القرشي الهاشمي، ورغم هذا كان يُسلّم على الأطفال، ويأكل مع الضعفاء، ويدافع عن العبيد والمقهورين، وكان دومًا يذكرنا بأصلنا فيقول كلكم لآدم وآدم من تراب!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
29/07/2018
3353