+ A
A -
يُحكى أنَّ رجل دين، ومحاميا، وفيزيائيا، صدر عليهم حكم بالإعدام بالمقصلة، جاؤوا أولاً برجل الدين وقالوا له: هل من كلمة أخيرة تقولها؟
فقال: الله وحده سينقذني من هذا!
وعندما أفلتوا حبل المقصلة توقفت قبل سنتيمترات من رقبته
فقال الناس: أطلقوا سراح رجل الدين فهو مظلوم!
فجاؤوا بالمحامي، وقالوا له: هل من كلمة أخيرة تقولها؟
فقال: العدالة ستنقذني!
وعندما أفلتوا حبل المقصلة توقفت قبل سنتيمترات من رقبته أيضاً
فقال الناس: أطلقوا سراح المحامي فهو مظلوم أيضاً!
وعندما جاؤوا بالفيزيائي، قالوا له: هل من كلمة أخي تقولها؟
فقال: إن الأمر وما فيه أنه يوجد عقدة في حبل المقصلة هي التي جعلتها تتوقف ولا تقطع رقبتي رجل الدين والمحامي، عندها حلَّ منفذو الإعدام عقدة حبل المقصلة، وقطعوا رأسه!
ليس العجب أن يهلكَ الجاهل بجهله، وإنما العجب أن يهلكَ العالم بعلمه! وإنّ رأس العلم أن تعرف متى تتكلم ومتى تصمت، إن الكلام في غير أوانه كرفع الأذان في غير وقت الصلاة، والصمت في غير أوانه كترك أذان الفجر خشية إزعاج النائمين!
مشكلة الكثيرين من الناس أنهم يعتقدون أنه يجب أن يكون لهم رأي في كل قضية، ومكان في كل خلاف، وخطوة في كل طريق، وغنيمة من كل حرب، وسهم من كل تركة، بينما في الحقيقة إن قيمة الإنسان أحياناً تكون فيما يترك لا فيما يأخذ، وفيما لا يقول لا فيما يقول!
لا تتفلسف كثيراً، الحقيقة حلوة، ولكن ليس كل وقت هو وقت الحقيقة، تقع مشكلة بين زوجين، طفل في السادسة يستطيع أن يفتيك في المسألة ويخبرك من الظالم ومن المظلوم في القضية، ولكن السؤال: أهذا موضع إصدار الأحكام أم موضع رأب الصدع! ولا يهدم البيوت غير القضاة من الأقرباء، في حين أن الأمر يحتاج مصلحاً ولو كان غريباً، الأمر لا يحتاج فطنة إياس بن معاوية لتخبر زوجة أن هذا الزوج لا يُعاش معه، ولا يحتاج ذكاء شريح القاضي لتخبر زوجاً أن زوجته ليست كما ينبغي أن تكون الزوجات، حسناً وماذا بعد هذا؟! تُغلق البيوت، وتضيع الأُسر! ورحم الله عمر بن الخطاب يوم قال: ليس الفطن من عرف الخير من الشر ولكن الفطن من عرف خير الشرين! فأحياناً الإبقاء على مشكلة ما بالشكل الذي هي عليه هو الحل المثالي لها، لأن بعض الأغصان إذا أتيتَ لتقومها كسرتها، فدعها تثمر على ما فيها من عوج!

بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
26/07/2018
6115