+ A
A -
في العام 1863 كتب الأديب الفرنسي «جول فيرن» رواية بعنوان «باريس في القرن العشرين».. وقال فيها إنه سيكون هناك ناطحات سحاب زجاجية، قطارات فائقة السرعة، سيارات تعمل بالغاز، آلات حاسبة تقوم بعمليات معقدة، شبكة اتصالات تربط العالم!
الأصل في الفراسة أنها التنبؤ بما سيحصل في المستقبل بناءً على ما يراه المتفرس من الحاضر، كفراسة ابنة شعيب في موسى، عليهما السلام، يوم أوصت أباها باستئجاره للعمل عنده وسيكون قوياً وأميناً فكان، وقد بنت حكمها على المستقبل بما رأت منه، وكفراسة أبي بكر يوم أوصى بالخلافة لعمر؛ حيث تبين أن كليهما كان يرى بنور الله، المُتفرِّسُ والمُتفرَّسُ به وهذا أيضاً بناه أبوبكر على ما رأى من عمر، ولكن ما الذي رأته آسيا في وجه موسى وهو ابن أيام في الصندوق يوم قالت: «عسى أن ينفعنا» فقادها إلى الجنة، في الحقيقة لستُ أدري، تماماً كما أني لستُ أدري كيف تنبأ «جول فيرن» بأن العالم سيكون على الشكل الذي نعرفه اليوم في وقت لم يكن شيء يوحي بهذا!
لم يكن «جول فيرن» هو الأديب الوحيد الذي توقع حدوث أشياء في المستقبل فحدثتْ، هناك كثر غيره، فعلى سبيل المثال في روايته «عالم جديد شجاع» الصادرة عام 1932 تنبأ «الدوس هيكسلي» بظهور أطفال الأنابيب، وأيضاً لا أعرف ما الذي رآه هيكسلي يومذاك من حاضر حتى جعله يرى المستقبل!
وفي العام 1970 أصدر «آرثر كلارك» روايته «الوليد المرعب» تنبأ فيها بظهور الأقمار الصناعية وشبكة الإنترنت مع العلم أن الحديث عن هذا في ذلك الوقت أشبه بإخباري لكم أن الحيتان ستتناول طعام الغداء على سطح منزلنا!
بعض الفراسات يمكن فهمها برأيي، لأنها وليدة الأحلام وليست بناءً على واقع معاش، فعلى سبيل المثال، فإن صاحبنا في هذا اليوم «جول فيرن» كتب في العام 1865 روايته «رحلة إلى القمر»، أي قبل نزول نيل آرمسترونغ على سطح القمر بمائة عام بالتمام والكمال!
أرى أن الأمر بسيط ومفهوم في هذه الحالة، القمر يُرى بوضوح، والإنسان لا يكف عن الأحلام وإن كان يُحسب لـ «جول فيرن» اصطياد الحلم في صفحات رواية، فلا أعتبرها نبوءة كما لو قال أحدهم قبل مائتي عام إنه سيكون هناك طائرات بوينغ، حلم الإنسان بالطيران أقدم من كل مطارات العالم، وقد فعلها عباس بن فرناس يوم لم يكن في العالم مطارات فعلاً! ولكن تلك الأشياء التي لا شيء في الحاضر يدل عليها، كيف يرى الناس أنها ستقع وتقع فعلاً في المستقبل، في الحقيقة لستُ أدري، ولا أخجل من قولها، وأجد رضى أن أكتب عن شيء لا أعرف تفاصيله وتفسيره، ولكني دوماً أقول: النص الجيد هو الذي يثير فيك أسئلة أكثر مما يعطيك إجابات!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
24/07/2018
2419