+ A
A -
يُعجبني الشخص الذي إذا قيل له: لو كان بإمكانك أن تكون شخصاً آخر غير نفسك فمن تختار لتكون؟
فيجيب: لا أريد أن أكون إلا نفسي!
البارحة كنتُ جالساً بأمان الله وحدي في المنزل، وإذا بزوجتي تسألني في الواتساب: ألسنا أصدقاء؟!
في الحقيقة استغربتُ من سؤالها، ولكني كالعادة آخذ هذه الأمور بروح رياضية وأغتنم فرصة أن أقول أشياء لا يمكن قولها في سياق آخر، فقلتُ لها: في الحقيقة نحن متورطان بأكثر من هذا!
قالت لي: لا، لا، أقصد في الفيسبوك لقد وصلني منك طلب صداقة!
قلتُ لها: لم أرسل طلب صداقة لك ثم نحن كما تعرفين صديقان إلكترونيان منذ زمن!
لم يطل الأمر كثيراً حتى جاءتني رسائل أخرى في الفيسبوك تسأل إن كنتُ قد أرسلتُ لهم طلبات صداقة، لأكتشف أن كائناً ما قد قام بإنشاء حساب باسمي، فيه صورتي الشخصية ومعلومات مطابقة لتلك التي في حسابي الشخصي مما اضطرني للإعلان عن عدم علاقتي بالحساب الجديد لا من قريب ولا من بعيد، وأساساً أنا لا أحب التعدد في شيء!
والشيء بالشيء يُذكر، منذ عام تقريباً وصلتني رسالة من فتاة تقول لي فيها إنها حدثتْ أهلها بشأن علاقة حبنا، وإنها استطاعت بعد جهد جهيد إقناعهم بالموافقة على زواجنا لأنهم لم يتقبلوا بداية أن تنزل ابنتهم على ضرة!
استجمعتُ قواي وحاولتُ الاستفسار عن علاقة حبنا التي أسمع بها للمرة الأولى! لتخبرني أني كنتُ أحدثها من حسابي الآخر الذي أرسلَتْ لي رابطه، وأنني قررتُ أخيراً أن أرتبط بها، وبقيتُ قرابة ساعة أحاول إقناعها أنه ليس لدي حساب آخر، وأن وضع صورتي في حساب باسمي لا يعني أنه أنا، وأني لا أملك حساباً آخر، ولكنها لم تقتنع وعندما ضقتُ بها ذرعاً قلتُ لها: حسناً اذهبي وكلميني هناك!
فقالت لي: أنت لم تعد ترد عليّ هناك!
المهم أني راسلتُ ذلك المنتحل وقلتُ له: أتعتقد أنه يوجد أحقر من إنسان يلعب ببنات الناس باسم شخص آخر؟!
طبعاً لم يرد عليَّ أيضاً!
من الأشياء التي لا أستطيع فهمها، هي محاولة إنسان أن يكون شخصاً غير نفسه، أن يتكلم بلسان شخص آخر، يحس بقلبه، ويفكر بعقله، والأدهى أن يعيش مشاعره!
أنا أحد الذين يعرفون أن في العالم ملايين أفضل مني، وسيمون لا يشبهونني، أثرياء جداً، متعلمون، لديهم وظائف مرموقة، ولا أشعر بالحرج في أن أتعلم منهم، وأشعر أنه من النبل الثناء على إنسان أفضل مني لأن الاعتراف بمزايا الآخرين من خصال الأنبياء وقد قال موسى عليه السلام: «وأخي هارون هو أفصح مني لساناً»! ولكني يشهدُ الله أني ما تمنيتُ يوماً أن أكون شخصاً غير نفسي، ولا أن أعيش حياة شخص آخر، لأني أعرفُ أن الله وضعني حيث يجب أن أكون! ولأني أعرف أن لكل إنسان مشاكله وهمومه التي لا نراها!
إن أسوأ إحساس يمكن للإنسان أن يشعر به، هو الإحساس بالنقص، وهذا شيء يأتي غالباً من عدم الرضى بقدر الله وقسمته، ومن النظر إلى ما في أيدي الآخرين بدل النظر إلى ما في أيدينا!
كونوا أنتم، فليس هناك أمتع من أن يكون الإنسان نفسه!

بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
15/07/2018
2505