+ A
A -
حمى كأس العالم تجتاح كل شيء من حولنا ملابس إعلانات مأكولات مشروبات أحاديث.. من هنا جاءت فكرة مقالة اليوم.. لعلي أستفيد من هذه الحمى طالما لم يأخذوني معهم إلى روسيا.
لنبدأ المقال بتصور افتراضي! أعيد وأكرر هو تصور افتراضي حتى لا أتهم بالكفر وهو: أن سيدنا أبابكر الصديق أول من آمن برسالة رسولنا محمد اتبع العقل الجمعي وقت النبوة! وقال: ساحر مجنون. ترى كيف سيكون الوضع حينها! أو لنتصور أن الصحابة، رضوان الله عليهم، سايروا سادة قريش في عدم الإيمان برسالة محمد؛ إذ كيف يُعقل أن يأتي رجل ويطلب منك أن تكفر بدين آبائك وأجدادك. ولا تتصور عزيزي القارئ أنك إذا كنت في زمن النبوة سيذكر لك التاريخ أنك أول من آمن من الأحرار! والدليل أنك في وقتنا الحاضر صدى صوت فكيف سيكون بك الحال في مجتمع قريش؟!
الشاهد أنه في كل مجتمع هناك فكر فردي، وفكر جماعي وهو ما يعرف بـ «العقل الجمعي»؛ حيث تظهر فيه سطوة الجماعة، على الفرد عبر الانصياع إلى قرارات معينة، بغض النظر عن الصواب والخطأ، في ظاهرة تسمى بسلوك القطيع. لستُ أنا من يقول بهذا ولكن هو مصطلح يطلق على تطابق سلوك الأشخاص، مع سلوك الجماعة التي ينتمون لها دون تفكير، أو تخطيط. ولهذا السلوك قصة سوف أحكيها لكم وهي من نسج خيالي حتى لا تقولوا إنني كافر مجنون.
حيث يحكى أن شخصاً وظيفته كانت تركيب العقول، ولذلك فهو يحرص كل الحرص على ألا يرتكب أي حماقة بأن يضع عقل حيوان في رأس إنسان. ولكن وقع المحظور، فقرر بسرعة أن يعلن للملأ ما حدث، ولكن كانت المفاجأة أنه زاد الطلب على هذا النوع من العقول، ومن هنا نشأ مصطلح العقل الجمعي لأنه في الأساس يطلق على تصرف الحيوانات في القطيع أو السرب من الطيور خصوصاً عندما تستشعر بالخطر.
إن «العقل الجمعي» هو عقلُ سلبي في مردوده على الفرد، وإن كان إيجابياً في مردوده على الجماعة؛ لأن صفات الجماعة هي التي تنعكس فيه، وليس صفات الفرد.
لقد كرم الله الإنسان بأن جعل له عقلاً يفكر ويحلل ويقرر. فلماذا تتم التضحية بهذه النعمة العظيمة بهذه السهولة؟! لماذا تصبح مجرد تابع؟! يقول ما يقوله هذا، وتفعل ما يفعله ذاك. اعتقاداً منك بأن الجماعة دائماً ما تكون على حق؟!
أعلم أن الكثرة ليست مرادفاً للحق ولا الباطل، ولكن العقل هو المرادف الحقيقي للمعرفة حتى لو غلفوا حديثهم بالدين، أو العادات، أو حتى المنطق، ولك أن تتخيل أنه حتى على خشبة المسرح يمكن أن تخلق لك جمهوراً حاشداً، فقط أعط تعليماتك لشخص واحد بالتصفيق بحرارة في أوقات معينة، فستجد القاعة قد ضجت بالتصفيق.
إن العقل الجمعي يعيش فكرة المؤامرة الكونية، وحقيقة أنني رغم هذا العمر الذي قارب الخمسين لم أعرف بعد على ماذا تحسدنا الشعوب الأخرى لدرجة أن أحدهم يقول: إن الدول الكافرة توفد أجمل الجميلات للجامعات الأجنبية لكي تغوي طلاب المسلمين!
لهذا فالعقل الجمعي هو أسوأ نماذج العقول مثل الكرة تتقاذفها الأرجل.
بقلم : ماجد الجبارة
copy short url   نسخ
12/07/2018
61745