+ A
A -
كان الخبر الصاعقة الذي هز وجدان طفولتي أوائل الستينيات ان العراق يحشد لاجتياح الكويت وفي الكويت الأب والأخ وابن العم والخال، وكم كانت سعادتنا وعدد من ابناء القبيلة كانوا يستعدون للالتحاق مع الجيش الأردني للسفر إلى الكويت للدفاع عن البلد الذي فتح ابوابه للشعب الفلسطيني إثر النكبة عام1948 بل كانت مساعداته تصل إلى معظم المحتاجين
ذهبت لوداع ابن عمتي احمد البرغوثي الذي تقرر ان يشارك مع القوة الأردنية التي تم تكليفها من الجامعة العربية للدفاع عن الكويت في اول نزاع عربي-عربي بعد ان هدد عبد الكريم قاسم باجتياح الكويت، فماهي الحكاية في ذلك الزمن الذي مجازا أقول عنه جميل رغم سوداوية الموقف، وسر جماله في ان العرب نفذوا قول الله سبحانه وتعالى «وهي مقاومة الباغي اذا بغى على اخيه أو ابن عمه».فبعد ان أطاح عبدالكريم قاسم بالنظام الملكي في العراق وقضى على العائلة المالكة قتلا وسحلا، ولم يبق منها الا احد ابنائها ومن كانوا خارج العراق، وقد بدا النظام يعاني من انشقاقات عسكرية وسياسية وطمع الكثيرون في الوصول إلى السلطة، واندلاع حرب أهلية بين الحكومة والأكراد في الشمال وفي هذا الوقت الذي كان فيه العراق يعيش حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وسفك الدماء كانت الجارة الكويت قد بلغت مكانة متطورة سياسيا واقتصاديا مع علاقات قوية مع دول العالم ودول المنطقة ومع المملكة المتحدة.
وفي 19 يونيو 1961 ميلادي استقلت الكويت وألغيت اتفاقية الحماية البريطانية المبرمة مع الشيخ مبارك رحمه الله ولم يجد نظام قاسم مخرجا للازمة في العراق إلا أن يتجه إلى الكويت وذلك بتحريك أطماعه حيث حشد العراق قواته علي الحدود الكويتية. وقامت الكويت بحشد قواتها على الحدود وارتفعت حالت الاستنفار في الجيش الكويتي وهب الكويتيون للدفاع عن الوطن وقامت الحكومة بفتح مراكز التدريب وتوزيع السلاح في قصر نايف وقسم المتطوعين إلى مجموعات يرأسها شخص معين من الحكومة ومعه 50 بندقية ومن اشهر رؤساء المجموعات فلاح الحجرف ابن الجهراء البار وشبنان الثامر وعبيد المتلقم ويوسف خالد المخلد وتم نقلهم إلى الحدود وكان الشيخ خالد الأحمد الصباح يشرف على هذه المجموعات وأعطيت لهم أوامر مفتوحة للاشتباك.
وفي يوم 3/6/1961 ميلادي طلب الشيخ عبدالله السالم الصباح امير الكويت رحمه الله الحماية والمساعدة من بريطانيا بناء على البند الرابع من اتفاقية الاستقلال وفي منتصف النهار كان قرار إرسال القوات البريطانية قد اتخذ من قبل مجلس الوزراء البريطاني وكانت من اشد الأيام مرارة على الشيخ عبدالله السالم رحمه الله خاصة وأنها حصلت بعد الاستقلال وتم إعطاء الأوامر إلى قائد القوات البريطانية في عدن لإرسال قوات للكويت في في اكبر عملية للقوات البريطانية بعد عملية السويس عام 1956 ميلادي.
وقد وصلت القوات البريطانية الكويت في 1/ 7/ 1961 ميلادي وقامت بحماية الآبار والمطار الدولي والانتشار علي الحدود الكويتية العراقية، لكن عبد الناصر رفض وجود قوات بريطانية فقام امير الكويت بحكمته وطلب من القوات البريطانية المغادرة وبأسلوب راق سنورده بتفاصيل في مقال لاحق، وأرسلت جامعة الدول العربية قوات عربية لتحل محل القوات البريطانية
انتهت الأزمة بلا حرب وانسحبت القوات العراقية من الحدود وبعد بعام حدث انقلاب دموي من قبل البعثيين وقتل قاسم ومن معه من الزمرة المسيطرة علي الحكم بالعراق ولم يعرف بعدها الاستقرار وحدثت انقلابات أخرى دبرها عبد الناصر.
كان ذلك في زمن الحكمة التي حافظت على القومية العربية والخلق الإسلامي الأصيل، الكويت التي عانت من الجار لم تقبل الظلم للجار، ولا تريد ان يجور جار على جار فكان تحركها سريعا لوقف جور اراده من لم يعيشوا زمن حكمة الاجداد، في حصار دولة وكادوا لها فتكشف الظلم، وأملنا أن تنتصر الحكمة.
كلام مباح
وأن ما حمينا دارنا
وشعاد نبغي
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
04/07/2018
1568