+ A
A -
أمسك الأتراك بطرف الخيط ولن يفلتوه بعد اليوم كما قرروا... طوبى لشعبٍ وجد سفينة النجاة ولم يتركها للحمقى، والعملاء كي يخرقوها.
كأغلب الشعوب في بداية العصر الحديث، وتراجع صُناع الحضارة الإسلامية لم يستوعب الشعب التركي الدرس، وانخرط خلف هذاءات الغرب، وتخبطاته حتى عَلِق في وحل العلمانية الدكتاتورية لعقود، ودفع ثمن ذلك الكثير من الانقلابات، والدماء، ومحاولة طمس الهوية الإسلامية للأتراك الأمر الذي لم يكن هيناً أبدا، وهم أهل آخر خلافة إسلامية على وجه الأرض حتى الآن، ومنقذو سفينة الحضارة الإسلامية آنذاك. وقد توقفت مع ذلك عجلة النمو، والتطور الاقتصادي، المَفقر للشعب، والذي يصاحب فساد الحكم العسكري في الغالب.
لذلك عندما جاء الرئيس طيب أردوغان، واستطاع أن ينتقل بتركيا نقلة هائلة أعاد فيها للشعب التركي كل مقومات الحياة الكريمة المستقرة التي ينشدها أي شعب.. لم تَفلِح كل محاولات أعداء أردوغان داخلياً، وخارجياً في إزاحته بما أن الشعب أدرك تماما أنهم أعداؤه أيضاً... وقد انتخبوا أردوغان، وراهنوا عليه مرات، ومرات حتى لا يعودوا إلى عصور الظلام، وخفافيش الكهوف التي تعيش على امتصاص دماء الشعوب في زمن المافيا الدولية، التي أعلنت حربها ضد ترشحه تارة بتشويه صورته عبر وسائل الإعلام الشرقي، والغربي، وتارة عن طريق دعم معارضيه، ومدهم بالأموال، والإمكانيات. لكن هذا كله لم يفلح أمام إرادة الشعب التركي الذي لمس حقيقة هذا الرجل بعمق، ومن خلال نتاج 16 سنة من الإصلاح، والتقدم الذي قاده.. حتى صنع نموذجاً مبهراً للإصلاح السياسي، والاقتصادي وسط فوضى التخلف، والاستبداد. وكان من الطبيعي أن تستميت القوى المضادة لمحاربة هذا النموذج، ومحاولة القضاء عليه، كما تصدت لثورات الربيع العربي، وعملت على وأد أي مولود قد يأتي منها ليطيح برؤوس الاستبداد، ويصنع نموذجاً أردوغانيا تنتشر عدواه لتصل شعوبهم المسحوقة، وتبشرهم أن حياةً أخرى تنتظرهم بإزاحة هذا المستبد، ومحاربة لصوص الوطن، وسارقيه.
من المؤسف أن عمل هذه القوى بات معلناً، وما عادت تستحي لو عرف العالم كله بذلك أمام تراخي قبضة الغرب على الديمقراطية المزعومة، وحقوق الإنسان، وتنامي تيارات التطرف فيه. الأمر الذي يصب في بلاعة القوى الاستبدادية العربية التي كانت، ولاتزال ترى في الإسلام كما المتطرفين الغربيين التحدي الأكبر، والعدو اللدود، وقد كانت أخوانية أردوغان، ومرجعيته الإسلامية أكبر دليلٍ على ما يعتقدونه.
إن قوى الثورة المضادة في الوطن العربي لم يدعمها إلا وفرة المال، ووفرة الخونة، والعملاء.. وعندما ينتهي هذا المعين مهما طال الزمان فلسوف تقف مجردة بعقليات صبيانية، محدودة أمام الشعوب المقهورة، وتكون مفلسة بقدر إفلاسها أمام الشعب التركي الذي حاولوا إغواءه ببقاء أجواء العلمانية، والتفسخ. ولأنهم يعيشون خارج العصر لم يلحظوا أن الشعب التركي بدأ يلفظ كل هذا الذي عاشه في ظل نظام متسلط لم يقدم لهم إلا الخوف، والفقر، وبدأ يستعيد هويته الإسلامية سعيداً بخروجه من التفسخ، والاستبداد.
هنيئاً للشعب التركي انتصاره.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
26/06/2018
5068